للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى تنزيل مذهبه على مفهوم حديث عائشة ومنطوقه في النكاح بغير ولي فلست أرى المفهوم في هذا الفن متروكا من غير فرض دليل ومن حاسيك الصدور ترك المفهوم في مسألة النكاح بلا ولي وما ذكر في هذا الفصل فأنا أوفيه حظه إذا ذكرت طرق تأويلات المفهومات إن شاء الله تعالى.

مسألة:

٣٨٢- ما صار إليه المحققون أن قوله صلى الله عليه وسلم:١ "تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم" يتضمن حصرها بين القضيتين في التكبير والتسليم وذهب طوائف من أصحاب أبي حنيفة إلى تنزيل هذا على المفهوم وقضوا بأنهم من حيث لم يروا القول به لا يلزمون نفي ما عدا التكبير والتسليم وتمسكوا بهذا المسلك في قوله صلى الله عليه وسلم٢: "الشفعة فيما لم يقسم".

٣٨٣- وهذان فنان عندنا ونحن نخصص المثال الأول والثاني بما يليق بكل واحد منهما فأما قوله عليه السلام: "وتحريمها التكبير" ٣ فمقتضاه الحصر لا محالة وليس هذا من فن المفهوم المتلقى من تخصيص الشيء بالذكر كما سبق مفصلا وهذا يقرر من وجهين:

أحدهما: النقل والاحتكام إلى ذوي الحجا والأحكام في كل لسان ولغة فإذا قال القائل: زيد صديقي لم يتضمن هذا نفي الصداقة عن غيره والقول بالمفهوم لا يتضمن في سياق هذا الكلام حصرا للصداقة ولا قصرا لها على زيد المذكور صدرا ومبتدأ ولو قال القائل: صديقي زيد اقتضى هذا أنه لا صديق له غيره وهذا مما لا يبعد ادعاء إجماع أهل اللسان فيه ومن أبدى في ذلك مراء كان مباهتا محكوما عليه بالعناد فهذا وجه.

والوجه الآخر: أن ترتيب الكلام أن تقول زيد صديقي فإن وضع المبتدأ.


١ أبو داود في: الطهارة "٣١" والصلاة "٧٣", والترمذي في: الطهارة "٣" والصلاة "٦٢", وابن ماجه "٣", والدارمي في: الوضوء "٢٢", وأحمد ١/١٢٣ و ١٢٩.
٢ البخاري في: الشركة "٨, ٩" والحيل "١٤", والدارمي في: البيوع "٨٣".
٣ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>