للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير عضد له بشيء إذ لو ساغ ذلك لبطل التمسك بالظواهر واكتفى المستدل عليه بذكر تطرق الإمكان إلى الظاهر وهذا إن قيل به يسقط أصل الاستدلال ويلحق جمال الإجمال بما يطلب فيه العلم المحض.

فإذا وضح أن أصل التأويل مقبول وتبين أن [التحكم] به مردود فيفتح بعد ذلك الكلام في تفصيل التأويل وما يعضد كل قسم منه من فنون الدليل.

٤٣٠- ولجميع مسائل الباب عندنا ضبط في النفي والإثبات هو المتبوع وإليه المرجع والذي أراه في طريقة الإفهام رسم مسائل في التأويلات اضطرب العلماء فيها فقبلها بعضهم وردها آخرون ونحن نطردها على وجوهها ونبين المختار منها حتى إذا نجزت نبهنا بعد نجازها على سر الكتاب.

مسألة.

٤٣١- استدل الشافعي رضي الله عنه في اشتراط الولي في النكاح بحديث عائشة فإنها روت عن النبي عليه السلام أنه قال١: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل". الحديث.

وتعرض أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه لذكر محامل وتأويلات ونحن نشير إلى وجوهها على إيجاز حتى يفضي الكلام إلى مقصود هذه المسألة.

٤٣٢- قال قائلون: الحديث محمول على الصغيرة فأنكر عليهم وقيل لهم ليست الصغيرة امرأة في حكم اللسان كما ليس الصبي رجلا وألزموا سقوط التأويل على مذهبهم فإن الصغيرة لو زوجت نفسها انعقد النكاح صحيحا موقوف النفاذ على إجازة الولي وقد قال عليه السلام٢: "فنكاحها باطل" ثم أكد البطلان بتكرير الباطل ثلاثا وكان عليه السلام إذا أراد تأكيدا كرر ثلاثا.

فقالوا: وجه تسمية نكاحها باطلا أنه إلى البطلان مصيره عند فرض رد الولي واستشهدوا بقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ٣ قيل: لهم نكاحها يتردد بين النفوذ عند تقدير الإجازة من الولي وبين الرد عند فرض الرد منه ولا يسوغ والحالة هذه التعبير عن إحدى العاقبتين مع تجويز الأخرى وإنما يعبر عما سيكون بالكائن فيما يكون لا محالة كالموت الذي إليه مصير كل ذي روح.


١ سبق تخريجه.
٢ سبق تخريجه.
٣ آية "٣٠" سورة الزمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>