فجرت تلك الأقاصيص نصوصا عند الشافعي في أن الكفار إذا أسلموا على عدد من النساء لا يوافق حصر الإسلام فعليهم أن يمسكوا عدد الإسلام ويفارقوا الباقيات ولا يؤاخذون برعاية الأوائل والأواخر ولا يكلفون الجريان على أحكام التواريخ ووجه التمسك بين فإنه عليه السلام علم أنهم على حداثة العهد بالإسلام ولم يخبروا تفاصيل الأحكام ثم أطلق لهم الخيرة في إمساك من شاءوا على شرط رعاية عدد الإسلام.
٤٥٢- فوجه المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة سؤالين ركيكين أحدهما يسقطه اللفظ فلتقع البداية به ومقصود المسألة السؤال الثاني فأما ما.
يدفعه اللفظ فدعواهم أنه أمرهم أن يختاروا الأوائل وهذا يدفعه قوله عليه السلام لصاحب الأختين:"اختر أيتهما شئت وفارق الأخرى", وقال عليه السلام لبعضهم وقد أسلم على خمس:"اختر أربعا وفارق واحدة", قال صاحب الواقعة فعمدت إلى أقدمهن صحبة ففارقتها فلا حاجة إلى الإطناب في ذلك وهو على معاندة اللفظ.
٤٥٣- فأما الثاني وهو المقصود الذي عقدت المسألة له فهو أنهم قالوا إنه عليه السلام أراد بقوله:"أمسك أربعا" أن يمسكهن ويجدد عليهم الأنكحة على موجب الشرع.
وهذا عند المحققين سرف ومجاوزة حد وقلة احتفال بكلام الشارع فإن الرسول عليه السلام ذكر لفظ الإمساك أولا وموجبه الاستدامة واستصحاب الحال والثاني أن النقلة لم ينقلوا تجديد العقود بل رووا الحكايات رواية من لا يستريب أنهم استمروا في عدد الإسلام على مناكحتهم فيهن وكان المخاطبون على قرب عهد والرسول صلى الله عليه وسلم لا يخاطبهم إلا بما يقرب من أفهامهم والتعبير عن ابتداء النكاج بالإمساك بعيد جدا ناء عن المحامل الظاهرة وفي القصص أنهم جاءوا سائلين عن الفراق أو الإمساك فانطبق جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم على سؤالهم ثم النكاح على الابتداء لا يختص بهن بل جوازه سائغ في نسوة العالم وقوله:"أمسك", أمر وما ذكروه تخيير فينتظم من جوامع الكلام ما يحل محل قرائن الأحوال التي تفضى إلى العلم بإرادة المتكلم.
١ أبو داود "٢٢٤٣", والترمذي "١١٢٩, ١١٣٠" وقال: حسن, وابن ماجه "١٩٥٠".