للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صدر الشريعة وقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ١ معدود عند المفسرين من باب الاستثناء من غير الجنس والمراد من قوله: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ٢ [ما سلف] في الجاهلية قبل مبعث المصطفى صلى الله عليه وسلم والدليل عليه أنه قال: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} ٣ وكان إذا جرى على صيغته فصيفته تتضمن الإخبار عما مضى فهذا وجه.

٤٦٢- والوجه الآخر أنا نقول لو صح ما ادعوه من صحة مناكح المشركين لكان قياس الشرع يقتضي أن يبطل جميعها عند ورود الحجر والحصر بالتدافع كما إذا نكح [الرجل] رضيعتين جميعا أرضعتهما امرأة وثبتت الأخوة بينهما فاستدامة نكاحهما ممتنعة وتخصيص ارتفاع النكاح بأحدهما لا سبيل إليه فلزم تدافع النكاحين فإذا سلموا أن طريان الحجر لا يوجب التدافع قام عليهم مسلك في القياس [قبل] لهم به كما ذكرناه في مسائل الفقه فليطرد الناظر مقصود هذه المسألة في أمثالها وليحمل الخصم على تصحيح النقل فيما يدعيه ولا يكتفي بمجرد الاحتمال أصلا.

مسألة:

٤٦٣- إن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله٤: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" فلا يصح تأويل متبعي الشافعي [إذا حاولوا] حمل اللفظ على الذين هم عمود النسب وهم الأصول أو الفصول وهذا الفن مما لا يلفى في الزمان من يجحده وهو باطل قطعا عند ذوي التحقيق وهذه المسألة عبرة لأمثالها فليمعن الناظر النظر فيها مستعينا بالله تعالى.

٤٦٤- فنقول قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم للتعميم واضح لائح في قوله٥: " من ملك ذا رحم محرم" فإن ذلك مما نقل عنه ابتداء لا في حكاية حال ولا جوابا عن سؤال ولا في قصد حل إعضال وكان يعتاد تأسيس الشرع ابتداء فإذا قال من ملك ذا رحم محرم تبين أنه أراد المحارم من ذوي الرحم أجمعين ولو أراد الآباء.


١ آية "٢٣" سورة النساء.
٢ الآية السابقة.
٣ آية "٢٢" سورة النساء.
٤ الترمذي "١٣٦٥, ١٨٦٥", وأبو داود "٣٩٤٩" وابن ماجه "٢٥٢٤", ٢٥٢٥", وأحمد ٥/٢٠, والبيهقي ١٠/١٦٩ وقال: صحيح.
٥ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>