وشرطوا الحاجة لقرب ما ذكروا بعض القرب فأما وأصلهم أن المخصوصين من نسب الرسول والدانين من شجرته كالعجم الطماطم فلا يبقى مع هذا لمذهبهم وجه.
مسألة.
٤٨٠- من فاسد تصرفات أصحاب أبي حنيفة قولهم في قوله تعالى:{فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} ١ تقديره فإطعام طعام ستين مسكينا قصدوا بهذا رد العدد إلى الطعام كي ينتظم لهم مذهبهم في جواز صرف الأطعمة إلى مسكين واحد.
وهذا كلام خارج عن الضبط لا يخفى درك فساده على من شدا طرفا من العربية ونحن نذكر في ذلك على الإيجاز قولا بليغا.
فنقول: الإطعام مما يتعدى إلى مفعولين والفعل المتعدى إلى مفعولين ينقسم قسمين قسم يتعدى إلى مفعولين لا ينتظم منها مبتدأ وخبر لو فرض حذف الفعل فتقول أعطيت زيدا درهما وأطعمت عمرا طعاما فلا يتسق من زيد والدرهم وعمرو والطعام مبتدأ وخبر عند تقدير حذف الفعل فلا تقول زيد درهم ولا عمرو طعام.
والقسم الثاني: ما يتعدى إلى مفعولين ينتظم منهما مبتدأ وخبر إذا حذف الفعل كقوله ظننت زيدا عالما فلو حذفت الفعل فقلت زيد عالم لكان كلاما مفيدا فما كان مفعولاه مبتدأ وخبرا تقديرا فإذا ذكر المتكلم أحد المفعولين تعين ذكر الثاني لما بين المفعولين من ارتباط الخبر بالمخبر عنه وما يختلف المفعولان فيه كالقسم المقدم فلا يمنع ذكر أحدهما والسكوت عن الثاني فتقول أعطيت زيدا وتقتصر وتقول أعطيت درهما ولا تذكر الموهوب له وقد تذكرهما والكل فصيح بالغ والسبب فيه أنه لا ارتباط لأحد المفعولين بالثاني من طريق الإخبار وإنما البناء للفعل والمخبر يتخير إن أحب أسنده إليهما وإن أحب أسنده إلى أحدهما فالتعويل على الفعل في باب الإعطاء ولهذا لا يسوغ تعطيل عمله وإن تقدم المفعولان في وجه الكلام فتقول زيدا درهما أعطيت فإذا تقدم مفعولا ظننت لم يقع فعل الظن موقعا فتقول زيد عالم ظننت لا يتجه غيره وإن وسطت الفعل تخيرت بين الإعمال والإلغاء فإن شئت قلت زيد ظننت عالم وإن شئت.