للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: زيدا ظننت عالما وإن قدمت الفعل فوجه الكلام الإعمال لظهور الاعتناء بالفعل إذا قدم.

٤٨١- فإذا ثبت ما نبهنا عليه من هذه القاعدة رجع بنا الكلام بعد هذا إلى قوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} ١ والمساكين معطون والطعام في هذا التقدير المفعول الثاني فقد جرى الكلام على إظهار أحد المفعولين وترك الثاني لما في الكلام من الدليل عليه وقد أوضحنا أن ذلك سائغ غير ممتنع وإذا ظهر أحد المفعولين أشعر ظهوره بقصد المتكلم إلى تصديق الاعتناء به والاكتفاء في الثاني بما في الكلام من الدلالة عليه وطعام المسكين مشعر بقدر سداده وكفايته فلم يجر للقدر المذكور ذكر ووقع الاعتناء بذكر عدد الآخذين.

هذا بيان الكلام فمن عذيرنا ممن يقدر حذف المظهر المعتبر وإظهار المفعول المسكوت عنه وهذا عكس الحق ونقيض الصدق وتغيير قصد الكلام بوجه لا يسيغه ذو عقل وقد أجرينا في "الأساليب" و"العمد" مسائل ومعتمد المذاهب فيها الأخبار وتناهينا في الكلام عليها فمن أرادها فليطلبها في مواضعها كمسألة خيار المجلس وبيع العرايا والمصراة وغيرها.

ومن أعظم ما انبسط الكلام فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع البر بالبر في مسألة الحفنة [بالحفنتين] فلم نرسم هذه المسائل واكتفينا بإيرادها في مواضعها.

مسألة:

٤٨٢- إذا ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ يدل على تعليل حكم فلا يرى الشافعي إزالة ذلك الظاهر بقياس وهذا كما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بيع الرطب بالتمر قال للسائل: "أينقص الرطب إذا يبس؟ ", فقال: نعم, قال عليه السلام: "فلا إذا" ٢ فعلل منع بيع الرطب بالتمر بنقصان الرطب عند الجفاف عن التمر وهذا وإن لم يكن نصا في وضع اللسان في التعليل بحيث لا يقبل إمكان التأويل فهو ظاهر فيه فمن أراد أن يزيل هذا الظاهر بقياس كان ما يحاوله مردودا عليه والسبب فيه أن أصل قياسه إذا كان القياس قياسا معنويا معلل والقايس مطالب بإثبات العلة وسيتعلق إذا طولب بمسلك من الظنون وظهور كلام الرسول في التعليل.


١ سبقت.
٢ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>