مقدم على ما يظهر في ظن المستنبط ويرجع بناء الكلام إلى تقديم مرتبة الخبر على مرتبة ظن القياس وهذا إذا لم يجد المؤول العاضد تأويله بالقياس لأصل قياسه كلاما يظهر للشارع في تعليل أصل القياس فإن وجد ذلك من كلام الشارع استوت المنزلتان والتحق ذلك بالتعارض وسيأتي قول بالغ في التعارض في كتاب الأخبار إن شاء الله تعالى.
مسألة:
٤٨٣- إذا وردت مناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [في عقود] وظهر من شيم العلماء القائمين بالشرع حملها على الفساد فإذا اتفق التعلق بنهي عن العقد وهو على صيغ سائر المناهي فالشافعي لا يقبل حمله على الكراهية وهذا كنهيه عليه السلام عن نكاح الشغار فمن أراد حمله على الكراهية قيل له قد ثبت من عادات السلف الماضين حمل أمثال [ما ذكرناه] وتمسكنا به على الفساد وهذا الذي تعلقنا به على صورة سائر المناهي ونحن نعلم بما تحقق عندنا من شيم الماضين أن هذا لو نقل إليهم لجروا فيه على ما القوه في أمثاله فمن أراد مخالفة ما ظهر لنا منهم كان في حكم المخالف لهم.
٤٨٤- وهذا عندي لا يبلغ في السقوط مبلغ ما تقدم من التأويلات في المسائل لا سيما والذي مثلنا به نواه في البيع والنكاح في وضعه بعيد الشبه بالبيع فلا يلزم من جريانهم على حمل المناهي في البيع القابل للفساد بالشروط الحكم بمثل ذلك عليهم في النكاح البعيد عن قبول الفساد بالشرط وهذا الذي ذكرناه من المسائل لم نقصد بها حصر ما يفسد ويصح فإن ذلك لا ينحصر ولكن رمنا بإيرادها الإيناس بها [وإجراءها] أمثالا وشواهد في تمهيد الأصول.
٤٨٥- والضابط المنتحل من مسائل هذا الكتاب أن المؤول يعتبر بما يعضد التأويل به فإن كان ظهور المؤول زائدا على ظهور ما عضد التأويل به فالتأويل مردود وإن كان ما عضد التأويل به أظهر فالتأويل صائغ معمول به وإن استويا وقع ذلك في رتبة التعارض والشرط استواء رتبة المؤول وما عضد التأويل به فإن كان مرتبة المؤول مقدمة فالتأويل مردود وكل ذلك إذا كان التأويل في نفسه محتملا فإن لم يكن محتملا فهو في نفسه باطل والباطل لا يتصور أن يعضد بشيء.
فليتخذ الناظر ما ذكرناه مرجوعة ومعتبره في جميع مسائل الشريعة.