ومنه ما يجري على وجه يكذبه حكم العادة وهذا يتفنن فنونا منها:
أن يخبر آحاد بوقوع حادثة عظيمة حكم العادة فيها أن تشيع لو وقعت فإذا لم تشع تبين كذب المخبرين وهي كإخبار أقوام من الآحاد عن مقتلة هلك فيها أمم في البلدة على قرب من العهد وكالإخبار عن دخول ملك صقعا فهذا وما في معناه حكم العرف فيه الشيوع وهذا من الأصول العظيمة التي تستند إليها أمور خطيرة وتتوجه فيها غائلة هائلة ونحن نعددها ونأتي بمجامعها إن شاء الله تعالى.
٥٢٤- فمما نبينه على ذلك إيضاح بهت الروافض في ادعاء النص على علي كرم الله وجهه في الإمامة فإن هذا لو كان لما خفي عن أهل بيعة السقيفة ولتحدثت به المرأة على مغزلها ولأبداه مخالف أو موالف وبهذا المسلك يتبين بطلان قول من يقول إن القرآن الكريم قد عورض فإن ذلك لو جرى لما خفي وبه يتبين فساد قول العيسوية إذ قالوا في التوراة إن موسى آخر مبعوث فإن ذلك لو كان لذكره أحبار اليهود في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أبدوا عنه معدلا إلى تحريف [نعت] رسول الله عليه السلام وتبديل الأقرن بالأبلج والأدهم بالأشقر إلى غير ذلك من تحريفاتهم.
٥٢٥- والقول الواضح في ذلك أن مسلك العلم بصدق الخبر المتواتر على ما سبق وصفه أن المخبرين لا يتواطئون عند زوال القرائن الضابطة والإيالات الحاملة على التواطؤ ويئول مستند القول إلى مطرد العرف وهذا المسلك بعينه مطرد في شيوع الفنون التي ذكرناها.
٥٢٦- ثم ما يقضى العرف فيه بالشيوع ينقسم فمنه ما يثبت على الشيوع عند الوقوع وينقله المخبرون تواترا زمنا ثم [يتناقص] اهتمام النقلة بنقله حتى ينتهي إلى نقل الآحاد وقد يفضى طول الأمد إلى دروسه ومنه ما يتمادى زمان التواتر فيه إذا قامت في النفوس دواعي نقله.
والقسم الأول يمثل بدخول ملك بلدة أو ما ضاهاها والقسم الثاني يمثل بالأمور الدينية فإن همم أصحاب الدين متوفرة على نقل الجليات فيه فإن وهي فبالحري أن يتداعى إلى الأخبار الدينية الدروس.
٥٢٧- ومما يتعلق بذلك أن الجمع العظيم إذ تواطئوا على الكذب لأمر إيالي فإن كذبهم يستبين على ممر الزمان في [حكم] العرف وينكشف الغطاء فيه على قرب.