للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي ذكره وإن كان مخيلا فالذي أراه [أنه] يلتحق بالمجتهدات ويتعين على كل مجتهد فيه الجريان على حكم اجتهاده.

والدليل القاطع فيه أنا نعلم أنه كان يقع في عصر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث يقبلها بعض ويتوقف عن قبولها اخرون ثم كان القابلون لها لا يعابون ولا يكثر النكير عليهم من الرادين وكانوا يجرون ذلك مجرى المجتهدات في مظان الاحتمالات فإذا [قطعنا] بوقوع ذلك منهم وإلحاقهم ذلك بمواقع التحري والتوخي فقد صادفنا قاطعا في وجوب العمل بالاجتهاد في مجال الظن وهذا بالغ حسن فإذا جرت أمثال من المجتهدات أحلناها على هذا القانون.

مسألة:

٥٦٦- جرى رسم الأصوليين بعقد مسألة في فن من التعديل والجرح مشتملة على تعديل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما تمس الحاجة إليها في أصول الإمامة [ولكنها] قد تتعلق ببعض مسائل الشرع ففي الفقهاء من طرق مسالك الطعن والغمز إلى أقوام من مشاهير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي هريرة١ وابن عمر٢ وغيرهما.

ونحن نذكر نكتا قاطعة يتخذها المرء وزره ومعتضدة إذا عارضه طعان يحاول مغمزا في [رواة] أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة.

٥٦٧- فمما نصدر القول به الآيات المشتملة على تقريظهم وإطرائهم وحسن الثناء عليهم كآية أهل البيعة بيعة الرضوان فإنه تعالى قال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} ٣ والآيات الواردة في المجاهدين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [كثيرة] واتفق المفسرون على أن قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ٤ واردة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هم معدلون بنصوص الكتاب مزكون بتزكية الله تعالى [إياهم] .


١ أبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير الطيب, وعن أبي بكر وعمر, وآخرين. قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في عصره. وقال البخاري: روى عنه ثمانمائة نفس. مات سنة "٥٨". له ترجمة في: أسد الغابة ٦/٣١٨, وشذرات الذهب ١/٦٣, والنجوم الزاهرة ١/١٥١.
٢ سبقت ترجمته.
٣ آية "١٨" سورة الفتح.
٤ آية "١١٠" سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>