للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٦٨- ومن أقوى ما يعتصم به على الجاحدين المعاندين سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يعرف أهل النفاق بأعيانهم لا يخفى عليه [مضمر] الشقاق بينهم وقد سماهم بأعينهم لصاحب سره ومؤتمنه حذيفة١ بن اليمان وكان عليه السلام يبجل أهل الإخلاص منهم وينزلهم منازلهم ويحل كلا على خطره في مجلسه وكانوا رضي الله عنهم معدلين بتعديله عليه السلام مزكين أبرارا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمدهم في نقل آثاره وأخباره ويسألهم عن أخبار غابت عنه وكانوا عنه ناقلين ومخبرين واشتهر ذلك من سيرته صلى الله عليه وسلم فيهم فكان ذلك مسلكا قاطعا في ثبوت عدالتهم بتعديل الرسول عليه السلام إياهم عملا وقولا.

٥٦٩- ومما يتمسك به في أبي هريرة٢ رضي الله عنه أن عمر مع تنزهه عن المداراة والمداجاة والمداهنة اعتمده وولاه في زمانه أعمالا جسيمة وخطوبا عظيمة وكان يتولى زمانا على الكوفة وكان يبلغه روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو لم يكن من أهل الرواية لما كان يقرره عمر٣ رضي الله عنهما مع العلم بإكثاره.

وقد اجتمع السابقون على الرواية عن هؤلاء وكذلك الأئمة المعتبرون من أهل الحديث قال محمد٤ بن إسماعيل البخاري روى عن أبي هريرة سبعمائة من أولاد المهاجرين والأنصار وأما ابن عمر فلا يتعرض للقدح فيه إلا جسور وقد زكاه جبريل عليه السلام إذ قال لرسول صلى الله عليه وسلم٥: "نعم الرجل عبد الله".

فقد ثبت تعديلهم بنصوص الكتاب وسيرة الرسول عليه السلام واتفاق الصحابة والتابعين وأئمة الحديث رضي الله عنهم أجمعين ولا احتفال بعد ذلك بمطاعن النابغة الثائرين بعد انقراض الأئمة الماضين.


١ حذيفة بن اليمان أبو عبد الله الأنصاري الأشهلي حليفهم, أسلم وأبوه وهاجروا, وشهد أحدا وكان الرفقاء النجباء, وأحد الفقهاء أهل الفتوى وصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتوى. مات سنة "٣٦". له ترجمة في الرياض المستطابة "٤٩-٥٠".
٢ سبقت ترجمته.
٣ سبقت ترجمته.
٤ محمد بن إسماعيل البخاري, الحافظ العلم, وصاحب الصحيح, وإمام أهل الحديث, والمعول على "صحيحه" في أقطار البلدان. مات سنة "٢٥٦". له ترجمة في: البداية والنهاية ١١/٢٤, وتاريخ بغداد ٢/٤, ووفيات الأعيان ١/٤٥٥, ومفتاح السعادة ٢/١٣٠.
٥ البخاري ٢/٦١ و ٦٩ و ٥/٣١, ومسلم "١٩٢٨ و ١٩٢٩" والدارمي ٢/١٤٦, والبيهقي ٢/٥٠١, وابن سعد ٤/١/١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>