٥٧٠- فأن قيل: ما تمسكتم به من تعديل الرسول عليه السلام إياهم وإكرامه لهم إن سلم لكم فإنه ليس متضمنا نصا بعصمتهم في مستقبل الزمان وقد أحدث بعضهم هنات واقتحموا موبقات يزول بأدناها نعت العدالة واستقامة الحالة وربما اندفعوا في أقاصيص وأحوال جرت في مثار الفتن ولو تتبعناها لطال المغزى والمرام وتعدى الكلام حد الاختصار.
فالوجه المحصل لغرضنا القاطع الشغب عنا أن نقول: لا يتعلق متعلق بشيء يبغى به طعنا إلا وينقدح مثله متطرقا إلى من يعدله الطاعن ويؤدي مساق إلى الطعن في جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل مسلك يفضي إلى تعميم الطعن في جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مردود من سالكه فهذا وجه مقطوع به عظيم الوقع والخطر.
٥٧١- والذي يعضد ذلك أن من تعلق بشيء من المطاعن في معين من الصحابة فعورض بمثله فيمن يوافق على تعديله فسينتهض الطاعن لحمل ما عورض به على محامل في الجواز وتحسين الظن ويتجه أمثالها وأجلى منها فيمن ذكره وإذا تعارضت الأقوال على نحو واحد وعسر الجمع بينها والقضاء بها ولم يكن بعضها أولى من بعض فالوجه سقوطها والإضراب عنها والاستمساك بما تمهدت به عدالتهم من المسالك المتقدمة.
٥٧٢- وإنما تعدينا طور الاقتصار قليلا لسؤال به اختتام الإشكال وفي جوابه تحقيق الانفصال وهو أن قائلا لو قال غايتكم حملكم ما نقل من هناتهم على وجوه ممكنه في الجواز ولستم قاطعين بها بل وافقتم الطاعنين على أنه لا يجب عصمة غير المرسل عليه السلام فإذا ترددت أحوالهم فليقتض ترددها [وقوفا] عن تعديلهم فإن التردد يناقض الحكم البات.
وسبيل الجواب عن هذا أن نقول هذا أولا نزول عن التصريح بالطعن ورضا بأن ينكف عن تعديلهم ففيه ظهور بطلان القطع بالطعن.
على أنا نقول: ما ذكرتموه مدفوع بالإجماع فإن الأمة مجمعة على أنه لا يسوغ الامتناع عن تعديل جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذكره هذا السائل يوجب التوقف في تعديل كل نفر من الذين لابسوا الفتن وخاضوا المحن ومتضمن هذا الانكفاف عن الرواية عنهم وهذا باطل من دين الأمة وإجماع العلماء فانتهض الإجماع على.