الخارج دم عرق فإنه قال عليه السلام:"توضئي فإنه دم عرق" ١ فاقتضى ذلك وجوب الوضوء بخروج الدم من كل عرق.
قلنا: قال بعض أصحابنا ما ذكره صلى الله عليه وسلم تعليل في محل مخصوص فإنها سألت عن دم يخرج من مخرج الحدث فجرى جوابه عليه السلام حكما وتعليلا منزلا على محل السؤال وكان السؤال عن خروج الدم من محل الحدث ومعظم ما يجري على صيغ التعليل في ألفاظ الشارع لا يكون فيه تعرض للمحل بل يكون طلب المحل محالا على الطالب الباحث وكذلك تلفى تعليلات القرآن كالسرقة والزنا وغيرهما.
والجواب المرضى عندنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقصد إيجاب الوضوء والاعتناء بتعليله وإنما غرضه نفى وجوب الغسل [ورفع] حكم الحيض عند اطراد الاستحاضة ولما اشتبه على السائلة أن الخارج حيض أم لا قصدت السؤال عما أشكل عليها فأبان صلى الله عليه وسلم أن الخارج ليس بالحيض الذي يزجيه الرحم وإنما هو عرق وحكمه الوضوء وهذا بين من فحوى كلامه عليه السلام.
٧٧٠- فإن قيل: لم تركتم تعليل رسول الله صلى الله عليه وسلم تخيير المعتقة بملكها نفسها حتى تقضوا على حسب ذلك بأنها تخير وإن اعتقت تحت حر فإنه عليه السلام قال لبريرة: "ملكت نفسك فاختاري", وهذا تعليل الخيار بانطلاق حجر الرق وهو يجري في العتق تحت الحر جريانه في العتق تحت العبد؟
قلنا: قال المحدثون: لا نعرف هذا اللفظ فعلى ناقله التصحيح ثم إن صح فسبيل الكلام عليه أنه لم يرد تعليل الخيار بملكها نفسها فإنه لو أراد أنها ملكت نفسها تحقيقا لما احتاجت إلى الخيار في محل النكاح.
قال القاضي: إن ملكت محل النكاح فليس [للخيار] معنى وإن ملكت غير مورد النكاح لم يشعر ذلك بالخيار في محل النكاح فالمراد إذا ترديد العبارة عن ثبوت الخيار لها كما يقال لمن ثبت له حق فسخ عقد ملكت الفسخ فافسخ فمعنى.
١ البخاري في الوضوء ٦٣ والحيض ٨ ومسلم في الحيض ٦٢, ٦٣ وأبو داود في الطهارة ١٠٧, ١١٠ والترمذي في الطهارة ٩٣, ٩٦ والنسائي في الطهارة ١٣٣, ١٣٤ وابن ماجة في الطهارة ١١٥, ١١٦ ومالك في الطهارة ١٠٤ وأحمد ٦/٨٢,١٨٧, ١٩٤, ٤٩٤.