الحديث إذا ملكت [الخيار] فاختاري وكانت أعتقت تحت عبد فهذا وجه الكلام.
٧٧١- ثم إنا نجري ذكر هذه الأمثلة تهذيبا للأصول وتدريبا فيها وإلا فحق الأصولي ألا يلتفت إلى مذاهب أصحاب الفروع ولا يلتزم مذهبا مخصوصا في المسائل المظنونة الشرعية فهذا غاية ما أردناه في هذا الفن.
السبر والتقسيم.
٧٧٢- ومما أجراه القاضي وغيره من الأصوليين في محاولة إثبات علل الأصول السبر والتقسيم١.
ومعناه على الجملة: أن الناظر يبحث عن معان مجتمعة في الأصل ويتتبعها واحدا, واحدا ويبين خروج آحادها عن صلاح التعليل به إلا واحدا يراه ويرضاه وهذا المسلك يجري في المعقولات على نوعين: فإن كان التقسيم العقلي مشتملا على النفي والإثبات حاصرا لهما فإذا بطل أحد القسمين تعين الثاني للثبوت.
وإن لم يكن التقسيم بين نفى وإثبات ولكنه كان مسترسلا على أقسام يعددها السابر فلا يكاد يفضي القول فيها إلى علم.
وقصارى السابر المقسم أن يقول: سبرت فلم أجد معنى سوى ما ذكرت وقد تتبعت ما وجدته.
فيقول الطالب: ما يؤمنك أنك أغفلت قسما لم تتعرض له فلا يفلح السابر في مطالب العلوم إذا انتهلا الكلام إلى هذا المنتهى.
٧٧٣-[فأما السبر] في المسائل الشرعية الظنية فإن دار بين النفى والإثبات ولاح المسلك الممكن في سقوط أحد القسمين كان ذلك سبرا مفيدا كما [سنبين] الآن معنى السبر وجدواه.
١ إذا لم تثبت العلة لا بنص ولا بإجماع تحول المجتهد إلى استنباط العلة بالسبر التقسيم ومعنى السبر الاختيار ومعنى التقسيم هو أن المجتهد يحصر الأوصاف التي يراها صالحة لأن يكون علة للحكم ثم يكر عليها بالفحص والاختيار والتأمل فيبطل منها ما يراه غير صالح للإبقاء ويستبقى منها ما يراه صالحا لأن يكون علة حتى يصل بعد هذا الإلغاء والإبقاء إلى أن هذا الوصف دون العلة "الوجيز" ص ٢١٣.