وقد قالوا: إذا كانت العلامات الشرعية لا تقتضي أحكامها لأعيانها وإنا وجه اقتضائها لها نصب الشارع إياها وإن صح في ذلك نقل فهي علل منقولة [وإن لم يثبت نقل وظنها المستنبط كان نصب الشارع إياها] مظنونا فهي إذا كيف فرضت منصوبة تحقيقا أو ظنا.
ومن قال لمن يخاطبه: إذا أومأت إليك فاعلم أني أريد منك أن تقوم فعدم الإيماء لا يدل على عدم إرادة القيام فقد يريد منه القيام بعلامة أخرى وقد ينصب على الشيء الواحد أعلاما وهذا على التحقيق حكم العلل الشرعية وهذا هو التدليس الأخير وإذا نحن أوضحنا مسلك الحق فيه استفتحنا بعده تمام الكشف عن غاية البيان واختتمنا المسألة على وضوح لا مراء بعده.
- ٨١٤ فنقول: هذا القبيل الذي ذكره السائل من فن مالا يخيل ولا يناسب المستدعي فإن الإشارة لا تختص باقتضاء القيام لا عن علم ولا عن غلبة ظن وهي بالإضافة إلى القيام كهى بالإضافة إلى القعود فليفهم الناظر ذلك أولا وليتفطن له.
- ٨١٥ثم نقول بعد: هذه الصفات إذا نصبت أعلاما فإنها في غالب الأمر تذكر في مساق شرط أو على قضية تعليل فإن ذكرت على مساق لشرط فقد قررت في مسألة المفهوم أن انتفاء الشرط يتضمن انتفاء المشروط ومن خالف في القول بالمفهوم لم يخالف في الشرط واقتضائه نفى المشروط عند انتفاء الشرط.
فإذا لا نسلم أن ما يجري من هذه الصفات في مساق الشرط لا يقتضي [انتفاء عند فرض الانتفاء] وإن لم يجر صيغة الشرط في عينها وجرى في معناها فالأمر يجري هذا المجرى فهو بمثابة أن تقول إذا أومأت إليك فقم "فإذا" وإن لم تكن من أدوات الشرط فمعناه الشرط مع اقتضاء التأقيت على ما سبق الرمز إليه في معاني الحروف وإن جرت على صيغة التعليل فالتعليل أبلغ في اقتضاء النفى عند فرض انتفاء العلة وهذا مما سبق القول فيه أيضا في المفهوم فما ادعاه السائل من أن نصب الأعلام لا يقتضى انتفاء الأحكام عند انتفائها ساقط لا أصل له وهو إذا تأمله المتأمل مردود إلى القول بالمفهوم في الشرط والعلة فهذا صدر الكلام في ذلك.
- ٨١٦ولكنا مع ذلك لا نبعد أن تعلق المتعلق مشروط بأفراد شرائط بحيث يستقل ذلك المشروط بكل واحد منها مثل أن يقول: أن أتيتني [أو كاتبتني] أو ذكرتني بخير على ظهر الغيب أكرمتك فالإكرام متعلق بكل شرط من هذه الشرائط.