للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٢٣- فإن قيل: قد أنكرتم وجدان حكم معلل بعلتين فما قولكم في الولاية المطردة على الطفل والمجنون وهي قضية واحدة معللة بالجنون والصبا؟

قلنا: الولاية الثابتة على المجنون ضرورية إذ لا يتوقع من المجنون تصرف وفهم ونظم عبارة والولاية على الصبي المميز لمكان الغبطة وطلب الأصلح فإن الصبي يعقل ما يقول ويفعل ومن كان آنسا بتفاصيل الولايات لم يعدم فرقا بين الولاية على المجنون والولاية على الصبي [المميز] فإن فرض صبي غير مميز فهو المجنون بعينه ولا أثر للصبا ولا يقع به تعليل فإن الولاية الحقيقية بالصبا هي ولاية الاستصلاح.

٨٢٤- وقد تناهى الشافعي في [الغوص] على ما ذكرناه حتى لا يرى توريث ذي قرابتين بالقرابتين جميعا إذا كانت إحداهما أقرب من الأخرى وقال القرب الأقرب يعدم أثر القرب الأبعد حتى كأنه ليس قريبا وكذلك الصبا مع سقوط التمييز ليس معتدا به وهذا آخر القول في تأصيل قياس المعنى وما تثبت به علل الأصول وقد حان الآن أن نحوم على قياس الشبه.

القول في قياس الشبه ١.

٨٢٥- ومن أهم ما يجب الاعتناء به تصوير قياس الشبه وتمييزه عن قياس المعنى والطرد ولا يتحرر في ذلك عبارة خدبة مستمرة في صناعة الحدود ولكنا لا نألوا جهدا في الكشف فقياس المعنى مستندة معنى مناسب للحكم مخيل مشعر به كما تقدم والشبه لا يناسب الحكم مناسبة الإخالة وهو متميز عن الطرد فإن الطرد تحكم محض لا يعضده معنى ولا شبه.

٨٢٦- وإنما يتضح القول في ذلك بالأمثلة ثم بالحجاج.

فإذا قلنا طهارة عن حدث أو طهارة حكمية فافتقرت إلى النية كالتيمم لم يكن قولنا طهارة عن حدث مقتضية من طريق الإخالة للنية ولكن فيه شبه مقرب لإحدى الطهارتين من الأخرى وقد عبر الشافعي٢ عن تقريب إحداهما من الأخرى


١ اضطرب الأصوليون في تعريف الشبه والمختار في تعريفه أنه وصف لا يناسب الحكم بذاته وإنما يناسبه لأنه أشبه الوصف المناسب بذاته وبيان ذلك أنا نقدر أن لله تعالى في كل حكم مصلحة مناسبة للحكم وربما لا يطلع على عين تلك المصلحة لكن يطلع على وصف يظن أنه مظنة تلك المصلحة. قال الغزالي ولعل جل أقيسة الفقهاء ترجع إلى قياس الشبه "أصول الفقه" ص ٣٢٨, ٣٢٩.
٢ سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>