فقال: طهارتان فكيف تفترقان؟ وكذلك إذا, قلنا: غسل حكمي فلا يتعدى الظاهر إلى داخل الفم كغسل الميت فهو تشبيه مقرب وليس بمثابة الطرد الذي لا يخيل ولا يثير شبها مغلبا على الظن.
٨٢٧- ثم الشبه ينقسم إلى تشبيه حكمي وإلى [تشبيه] حسي.
فالحكمي ما ذكرناه والحسي كقول أحمد١ أحد الجلوسين في الصلاة فكان واجبا كالجلوس الأخير. وكقول أبي حنيفة: تشهد فلا يجب كالتشهد الأول وفي الشرع تعبد بالنظر إلى الأشباه الحسية الخلقية كالقول في جزاء الصيد والقيافة مبناها على النظر إلى الأشباه الجلية والشمائل الخفية.
٨٢٨- ولا ينتهي هذا المقدار إلى تمام البيان في تصوير قياس الشبه ونحن نزيد فنقول إلحاق الشيء بالمنصوص عليه لكونه في معناه متقبل مقطوع به وإن لم يكن الحكم المنصوص عليه معللا أو كان معللا ولم يطلع الناظر بعد [على] ذلك من حاله وقد قدمنا في ذلك قولا بالغا فما قرب من المنصوص عليه جدا بحيث يحصل العلم بالتحاقه فهو في الرتبة العليا وما بعد قليلا وعارض العلم نقيضه من ظن أو شك فهذا مما يغلب على الظن الالتحاق به من غير معنى وهو الشبه.
ثم تعليلات الظنون في درجات المظنون على مراتب فإذا تناهى البعد وثار بحيث لا يلوح مقتضى ظن ولا موجب علم فهو الطرد المردود.
٨٢٩- والشبه ذو طرفين أدناه قياس في معنى الأصل مقطوع به.
وأبعده لا يستند إلى علم ولا ظن وكل طارد ذاكر شبها حسيا أو حكميا لا يخيل ولا يغلب على الظن.
ومن أصدق ما تميز به الطرد عن الشبه أن تعليق الحكم بما يعد طردا يضاهى في مسلك الظن تعليق نقيضه به فلا يترجح أحدهما على الثاني إلا من جهة اطراد أحدهما فيما يبغيه الطارد ويدعيه والشبه يتميز عن هذا.
ونحن نبين ذلك بمثال يحوي المقطوع به في الرتبة العليا والشبه الذي نحن في محاولة تصويره والطرد الذي نرده.
فلو ثبت مثلا كون النية شرطا في التيمم لكان الوضوء في معناه قطعا وإلحاق الوضوء بالتيمم تشبيه ولا يليق بقول القائل طهارة حكمية نفى النية [فانماز] الشبه.