للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الجواب فيه أن وجوب العمل بالقياس ليس مظنونا وقد تمهد ذلك في مواضع من الكتاب فسقط ما ذكروه ثم إن كانت الحدود تسقط بالشبهات والكفارات تجب معها فلم يمتنع إجراء القياس فيها وهي بمثابة سائر المغارم.

٨٧٧- وأما المقدرات فقد قالوا فيها لا تتعدى العقول إلى معان تقتضيها فلا يجري القياس فيها.

قلنا: إن كان ينحسم فيها المعاني المخيلة المناسبة فلم ينسد مسلك الأشباه.

٨٧٨- وأما الرخص فقد قالوا فيها: إنها منح من الله تعالى وعطايا فلا نتعدى بها مواضعها فإن [في] قياس غير المنصوص على المنصوص [في] الأحكام الاحتكام على المعطى في غير محل إرادته وهذا هذيان فإن كل ما يتقلب فيه العباد من المنافع فهي منح من الله تعالى ولا يختص بها الرخص.

فإن قيل: فما الذي ترون؟

قلنا: قد وضح بما قدمناه ما يعلل وما لا يعلل ونحن نتخذ تلك الأصول معتبرنا في النفي والإثبات فإن جرت مسالك التعليل في النفي والإثبات أجريناها وإن انسدت حكمنا بنفي التعليل ولا يختص ذلك بهذه الأبواب.

٨٧٩- ومما نختتم القول به: أن التعليل قد يمتنع بنص الشارع على وجوب الاقتصار وإن كان لولا النص أمكن التعليل وهو كقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ١ وقال عليه السلام: "وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها كيوم خلق الله السموات والأرض" ٢ وقال لأبي بردة٣ بن نيار وقد جاء بعناق وكان لا يملك غيرها فأراد التضحية بها رغبة في مساهمة المسلمين "تجزىء عنك ولن تجزىء عن أحد بعدك" ٤.

فمهما منعنا نص من القياس امتنعنا وكذلك لو فرض إجماع على هذا النحو وهو كالاتفاق على أن المريض لا يقصر وإن ساوى المسافر في الفطر.


١ آية ٥٠ سورة الأحزاب.
٢ أحمد ١/٢٥٣, والطبراني ١١/٣٤٤.
٣ سبقت ترجمته.
٤ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>