٨٩١- منها: أن قائلا لو قال: إن استقام ما ذكرتموه في الوضوء فما وجهه في التيمم وهو تغبير الوجه؟ وذلك يناقض ما استروحتم إليه.
فيقال [له] : إن خرج التيمم عن كونه معقول المعنى لم يلزم من خروجه خروج الوضوء ومن يبدي في الوضوء معنى لا يلزم طرده في التيمم فهذا وجه.
والوجه الآخر: أن التيمم أقيم بدلا غير مقصود في نفسه ومن أمعن النظر ووفاه حقه تبين أن الغرض من التيمم إدامة الدربة في إقامة وظيفة الطهارة فإن الأسفار كثيرة الوقوع في أطوار الناس وإعواز الماء فيها ليس نادرا فلو أقام الرجل الصلاة غير طهارة ولا بدل عنها لتمرنت نفسه على إقامة الصلاة من غير طهارة والنفس ما عودتها تتعود وقد يفضى ذلك إلى ركون النفس إلى هواها وانصرافها عن مراسم التكليف ومغزاها فهذا سؤال والجواب عنه.
٨٩٢- فإن قال قائل: لو توضأ المرء وأسبغ وضوءه ثم عمد إلى تراب فتعفر به أو تطلى بالطين وصلى صحت صلاته فلو كان الوضوء متعينا للتنقي لوجب أن ينتقض بما وصفناه لأنه إذا وجب الوضوء بتوقع الغبار فبتحققه أولى وهذا واقع على هذه الطائفة وقد تكلفوا جوابا عنه.
فقالوا: الأصول إذا تمهدت على قواعدها واسترسلت على حكم العرف المطرد فيها فلا التفات إلى ما يشذ ويندر وضربوا لذلك أمثلة مبنية على مغمضات من قضايا الأصول.
منها: إن النكاح شرع لتحصين الزوجين من فاحشة الزنا وغيره من المقاصد والحرة محتاجة إلى التحصين بالمستمتع الحلال كالرجل ثم حق عليها أن تجيب زوجها مهما رام منها استمتاعا ولا يجب على الرجل إجابتها وغرض الشارع في تحصينها على قضية واحدة ولكن لما خص الرجل بالتزام المؤن والمهر والقيام عليها اختص بالاستحقاق ومنه الاستيلاء والملك فاكتفى الشارع في جانبها باقتضاء جبلة الرجل والإقدام على الاستمتاع والأمر مبني على أحوال الملتزمين الشريعة والمعظمين لها ومن انحصر مطلبه في الحلال واستمكن منه واستحثته الطبيعة عليه وتغلب عليه المغارم فإنه سيعتاض عنها قضاء أربه ومستمتعه وكذلك يقل في الناس من يطلى ويتضمخ بالقاذورات فكان ذلك موكولا إلى ما عليه الجبلات.