٩٢٥- وإن تمسك بظاهر يتعرض مثله للتأويل في غير هذا الباب وأراد المعترض إزالة الظاهر بقياس فقياسه مردود فإن القياس كما لا يهتدي إلى تأقيت الطهارة لا يهتدي إلى نفي تأقيتها ولو ظن الظان أن القياس ألا ينتقض الطهر بشيء فهذا قول يصدر عن قلة البصيرة كما ذكرناه في استبهام الأمر في أوقات الطهر فإذا استبهم ثبوت الشيء استبهم نفيه وإذا صودف ظاهر لزم اتباعه ولم يثبت في معارضته قياس ومن ينفي الحدث فليكن [متمسك المطالبة] بثبت فيه والظاهر معتصم معمول به [والعبادات] وإن استرسلت في جريانها فتجري في هذه المضايق مجرى التنبيهات للقرائح الذكية والفطن فإذا حاصل كلام الراد إلى المطالبة بالإثبات فإذا وجد شيء يعمل بمثله سقط ما كان يتمسك به وليس معه ثبت في النفي.
٩٢٦- ومما يتعلق بتمام الكلام في هذا الفصل أن القياس الجزئي في الأصل الذي فيه نتكلم لا يتصور أن يجري معنويا.
نعم لا ينحسم فيه قياس الشبه فإن كل ما يتطرق إليه العلم يتطرق إليه الظن فإذا ينبني على هذا أن إثبات كون الملامسة حدثا بالقياس على خروج الخارج من السبيلين لا مطمع فيه فإنه لا يجمعهما معنى ولا شبه.
٩٢٧- فأما اعتبار أصحاب أبي حنيفة خروج النجاسات من غير السبيلين بما يخرج من السبيلين ففيه فقه وغايتهم في ذلك تشبيه نجاسة تنفصل من محل الخلاف بالنجاسة التي تنفصل عن أحد السبيلين فإذا أحسنوا الإيراد قربوا الشبه واعتبروا الخارج بالخارج والمخرج بالمخرج.
٩٢٨- ولأصحاب الشافعي أن يقولوا: لا نسلم فإن خروج النجاسة من أحد السبيلين لا يقتضي الوضوء لأمر يتعلق بالنجاسة فإن الذي يبتدر إلى الفهم من أمر النجاسة رفعها عن محلها وإزالتها عن موردها فأما ربط إيصال الماء إلى غير مورد النجاسة عند اتصال النجاسة بمحل آخر فلا محمل لذلك إلا التأقيت.
ثم الذي يليق [بالتأقيت] على ما تمهده القول فيه أن يربط [سبب نظافة] الأعضاء البارزة فضلا بما يتكرر في الجبلة على اعتياد لائق به حتى تنتهض الطهارة وظيفة مكررة متعلقة بأوقات يغلب تكررها فأما الرعاف وما في معناه فليس في حكم ما يتكرر.