الضرب: لا يجوز قياس غيره عليه وليس كالضرب الأول والثاني المتعلقين بالضرورة [والحاجة] فإن أمرهما بين ودركهما سهل.
ثم للشرع تصرف في الضروريات به يتم الغرض في القسمين الأولين وذلك أن الذي لا يستباح إلا بالضرورة لفحشه أو بعده عن الحل فقد يرعى الشرع فيه تحقق وقوع الضرورة ولا يكتفى بتصورها في الجنس وهذا كحل الميتة ورب شيء يتناهى قبحه في مورد الشرع فلا تبيحه الضرورة أيضا بل يوجب الشرع الانقياد للتهلكة والانكفاف عنه كالقتل والزنا في حق المجبر عليهما.
٩٢٢- فإذا الضرورات على ثلاث أقسام: فقد لا تبيح الضرورة نوعا يتناهى قبحه كما ذكرناه وقد تبيح الضرورة الشيء ولكن لا يثبت حكمها كليا في الجنس بل يعتبر تحققها في كل شخص كأكل الميتة وطعام الغير والقسم الثالث ما يرتبط في أصله [بالضرورة] ولكن لا ينظر الشرع في الآحاد والأشخاص وهذا كالبيع وما في معناه وإنما كان كذلك لأنه لا أثر للفكر العقلي في تقبيح البيع والتبادل في الأعواض فكفى تخيل الضرورة في القاعدة ولا التفات إلى الآحاد فإن الأمر في ذلك مبنى على قاعدة كلية وليس البيع قبيحا في نفسه عرفا أو شرعا.
٩٢٣- فأما الطهارات وما يضاهيها فقصاراه تحصيل أمر بوظائف واجبة من غير تصريح بوجوب المقصود فلا جريان للقياس في هذا الباب على معنى أن يعتبر غير الباب بالباب.
وعلى هذا ينبني سد باب القياس في الأحداث فإنها مواقيت الطهارات وثبتها الشرع في أمر مغيب عن دركنا ولم يثبت الطهارة عامة بل خصصها تخصيصا نقدر نحن بظنوننا أنها تأتى على تحصيل النظافة فكيف نستجيز إثبات وقت فيما لا نطلع على إثبات أصله.
٩٢٤- ثم [قال] القاضي رحمه الله كما لا تثبت الأحداث بالقياس فلا مجال للقياس أيضا في نفي الأحداث وهذا [علق مضنة] فليقف الناظر عنده ليقف عليه فإن احتكم محتكم باثبات حدث من غير ثبت فلا حاجة إلى قياس في درء مذهب الخصم [وإن] عزاه فيما زعم إلى قياس فالوجه أبطال قياسه وقد ذكرنا بطلان القياس في إثبات الحدث.