٩٧٥- وقد قال القاضي: هذا إنما يلزم من يثبت للعموم صيغة ولست منهم.
وقال أيضا في إلزام المعتزلة: البيان عندكم لا يتأخر عن مورد الخطاب ويقتضي ذلك أن تقترن القرائن المخصصة باللفظ فهو مع قرائنه محمول على الخصوص وهذا يناظر في علة المعلل ما يتقيد بقرينة مخصصة حذرا مما يفرض نقضا واردا على اللفظ العام.
وقال أيضا متحكما على من أثبت للعموم صيغة: التخصيص- على رأي هؤلاء- هو الاطلاع على قرينة ولو فرضت صيغة عامة في وضعها متجردة عن القرائن اللفظية والحالية لكانت نصا في اقتضاء العموم.
فإذا ليس للتخصيص معنى إلا ذهاب المخصص عن قرينة مخصصة ثم اطلاعه عليها.
٩٧٦- والذي ذكره القاضي في إلزام من منع تأخير البيان عن وقت مورد الخطاب لازم كما ذكره.
وأما الاحتكام على المعممين بأن الصيغة لو قدر ورودها مجردة لكانت نصا ففي كلام الشافعي رحمه الله رمز إلى التزام ذلك.
والذي نراه رأيا على مذهب المعممين أن اللفظة إن كانت مجردة عن قرائن الحال والمقال فليست نصا في اقتضاء العموم ولكنها ظاهرة والصيغ منقسمة إلى ما يقع نصا في الوضع وإلى ما يقع ظاهرا والصيغة المجردة في العموم من الظواهر فإن من أطلقها في محاوراته ثم زعم أنه لم يرد بها الاستغراق المحقق لم يكن آتيا منكرا ولكن يقدر مؤولا نعم إن اقترنت بالصيغة قرينة لفظية أو حالية تحسم مواد التأويل والتخصيص فالصيغة إذ ذاك نص لاقترانها بما يلحقها بالمنصوص عليه وقد مضى في ذلك قول شاف في كتاب العموم والخصوص.
٩٧٧- والجواب إذا عن استمساك هؤلاء بتخصيص العام أن تخصيصه ليس انحرافا عن موجب اللسان واقتضاؤه العموم ليس نصا قاطعا ولو رددنا [القياس] لما علمنا بموجب ظاهر مع تعرضه للتأويل فإن العمل المبتوت لا يرتبط بمشكوك فيه أو مظنون والعمل بموجب الظاهر معلوم ولا يترتب العلم على الظن والعمل بالظاهر مستنده إجماع الماضين وهو مقطوع به ثم تبين منهم التأويل والتخصيص عند قيام الأدلة المعارضة لوجه الظن في الظاهر كما تقرر في كتاب التأويل قوانين الكلام فيما يقبل ويرد.