٩٧٨- وأما المعلل فإنه مستنبط علة مظنونة ومعتمدة في استنباطها ظنه لصلاحها فإذا طرأت مسألة [قاطعة لها] مانعة من طردها انبتر ظنه وبطل مستند استنباطه إذ ليست العلة التي استنبطها معولة في نفسها على ظاهر أو تنصيص فلا معنى للتعلق بالعموم على أن ما نحاوله في النفي والإثبات محاولة القطع وتأسيس الأصول والأقيسة لا تجول في مواضع القطع وإنما تجولها في المظنونات.
٩٧٩- ومما تعلق به من يجوز تخصيص العلة أن قال: إذا لم يبعد تخصيص العلة بزمان لم يبعد اختصاصها بمسائل وأراد بذلك أن الشدة المطربة علة في تحريم الخمر ولم تكن علة قبل نزول تحريمها وهذا كلام.
ساقط فإن المعاني الظنية في الأقيسة العملية لا تقتضي الأحكام لأعيانها ولكن تتبع في موارد الشرع بها أو بأمثالها وكان الشرع متبعا فيها ويجوز تقدير النسخ عليها والذي نحن فيه من [فن] الاستنباط المظنون بعد قرار الشريعة والانتقاض يوهي ظن المستنبط على تحقيق فأين يقع هذا من جواز تبديل الأحكام؟
٩٨٠- ومما تعلق به هؤلاء جواز تخصيص علة الشارع قالوا: فإذا لم يمتنع ذلك في علة الشارع والصدق ألزم له فلا يلزم المستنبط ما لم يلزم الشارع.
وهذا أيضا كلام غث فإن الشارع إذا علق الحكم بعلة لا تناسب صح وإن كان ذلك طردا لو صدر من المستنبط.
وسيكون لنا كلام في تخصيص علة الشارع في مسألة معقودة إن شاء الله تعالى فهذه عيون كلام الفريقين.
٩٨١- والمسلك الذي نختاره أن المستنبط إذا نصب علة فورد على مناقضة طردها نقض فإن كان ينقدح من جهة المعنى فرق بين ما يرد نقضا وبين ما نصبه المعلل علة له فإن علته تبطل بورود النقض والسبب فيه أنه إذا نظم فرقا بين ما ألزم وبين محل العلة فيصير ما عكسه في محل العلة قيدا لما أطلقه علة ويتبين بهذا أنه ذكر في الابتداء بعض العلة وأظهر أنه علة مستقلة فإذا أراد التقييد وانتظمت له علة [مقيدة] فالعلة الآن سليمة ولكنه منقطع من جهة ادعائه في أول الأمر وابتدائه أن ما جاء به دليل مستقل [و] لو لم يصرح بكونه دليلا تاما فالحالة المعهودة بين النظار قرينة مصرحة [بذلك] فإنه يسأل أولا عن الحكم فإذا أبان مذهبه [فيه] طولب بالدليل عليه فإذا ذكر كلاما في إسعاف السائل المطالب بالدليل وقطعه وسكت على.