وإن لم يكن محل العلة منها بهذه المثابة وإنما جرت تلك المسألة شاذة فعند ذلك قد يظن الظان أنها تقطع العلة وتنقضها من جهة أن المستنبط إذا عثر عليها وهى ظنه في نصب ما ظنه علة إذا وجد في الأصل الشرع ما يخالف ذلك ويجوز أن ينقدح له ما عينه علة مناط الحكم إلا أن يمنعه استثناء شرعي لا يعقل معناه.
٩٨٦- والقاضي إنما تردد في هذه الصورة وهي لعمري موضع التردد والذي نراه فيها أن ورودها لا يقطع العلة إذا كانت العلة [فقهية] مناسبة وإنما يلزم المعلل إجراء المعنى ما استمكن منه.
والدليل عليه أنا نجد في الشريعة عللا فقهية متفقا عليها في الصحة وقد طرأ عليها استثناء الشرع في مواقع لا تعلل وهذا كجريان العلة في اختصاص كل متلف أو متعد أو ملتزم بالضمان ولا أحد ينكر جريان هذا المعنى في الشرع مع العلم بأن العاقلة تحمل العقل وحملها له خارج [عن القاعدة] فإذا وجد أمثال ذلك [في] قاعدة الشريعة بنينا عليه طرد المعنى الفقهي المناسب ولم نكع عن التمسك به لورود شيء لم يعلل وأنا فيما ذكرته على قطع فإن معتمدنا فيما نأتي [ونذر] ونقبل ونرد من طريق العلل الاتباع للإجماع وقد علمنا قطعا جريان هذه العلل [في الكليات] وإن استثنى الشارع منها ما استثنى فمنكر هذه المعاني وقد تأيدت بالإجماع كمنكر أصل القياس.
والسر في ذلك أن مالا يعقل معناه في مستثنى الشارع والمستثنى لا يقاس عليه وكأنه منقطع عن كثر الشريعة ولا يعتبر شيء منه ولا يعترض به على شيء فهذا سبيل إجرائها فإن كان ينقدح فيها معنى على حال فهو ملتحق بالأقسام المبطلة التي تقدم ذكرها فهذا بيان الأصل ونحن نضرب أمثالا وننزل عليها تحقيق ما نبغيه نفيا وإثباتا.
٩٨٧- فنقول: إذا أردنا إجراء علة في تخصيص الغرامة لمختص بسببها و [مقتضيها] طردناها غير ملتزمين بتحميل العاقلة على قطع وتحملهم لا يعترض على ما تمهد من المعنى فلو ظن ظان أنه ينقدح في تحمل العاقلة معنى يصلح على السبر مأخوذ في المعاونة فهذا غير سديد فإن ذلك لا يجري فيما يتفق تلفه من الأموال وهو أعم وجودا وأغلب وقوعا [من] القتل الواقع خطأ أو على شبه العمد ثم الإعانة في الشريعة إنما تجب إذا كان المعان معسرا وعلى هذا نظمت أبواب النفقات [والكفارات] فالقاتل خطا يتحمل عنه وإن كان من أيسر أهل زمانه فليس لمثل هذه التخييلات اعتبار.