٩٨٨- وكذلك إذا طردنا طريقة في إيجاب المثل في المثليات التي تتشابه أجزاؤها فألزمنا عليها إيجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من التمر في مقابلة لبن المصراة لم يحتفل بهذا الإلزام ولا تعويل على قول المتكلفين إذ زعموا أن اللبن [المحتلب] في أيام ابتلاء الغزارة والبكاءة يقع مجهول القدر.
فرأى الشافعي رضي الله عنه فيما ورد الشارع فيما يقل ويكثر إثبات مقدر من جنس درءا للنزاع فإن هذا لا جريان له أصلا ويلزم طرد مثله في كل مثلي جهل مقداره وليس لبن المصراة مما يعم ويغلب الابتلاء بالحكم فيه وإن أمثال هذه المعاني البعيدة إنما تثبت بعض الثبوت إذا تقيدت وتأيدت بعموم البلوى على أنها لو كانت كذلك أيضا لكانت من المعاني الكلية التي لا تتخلص في مسالك العرض على السبر ثم تعيين جنس التمر كيف يهتدى إلى تعليله؟
وإنما المطلوب فيما فرضنا الكلام في الجنس المعدول إليه لا في المقدار فإن ما ذكر من دوام النزاع يقدر انقطاعه بتقدير مقدار من النقدين وهما أثمان الأشياء إذا عسر تقدير الأمثال فاطرد إذا ما ذكرناه واستبان أن أمثال هذه المستثنيات لا تعترض على القياس المعنوي.
٩٨٩- ومما يضرب مثلا الكتابة الفاسدة فإذا قال الشافعي الملك لا ينتقل إلا بمسلك شرعي والفاسد حائد عن سبيل الصحة غير واقع الموقع المطلوب في الشريعة فلا وقوع له في مقصود العقد الصحيح كان ذلك كلاما بالغا حسنا.
فإن ألزم [الخصم] عليه الكتابة الفاسدة فإنها في تحصيل مقصود الكتابة نازلة منزلة الكتابة الصحيحة.
والوجه أن يقال للملزم أتعترف بخروج الكتابة الفاسدة عن قاعدة المعاني أو تدعي جريان المعنى فيها؟
فان ادعى جريان المعنى [فيها] فلا يفي بإظهاره إذ ليس في يدي من يتمسك بالكتابة الفاسدة إلا تشبيه محض ولا يستقل معنى يصحيحه السبر في إحلال الكتابة الفاسدة محل الكتابة الصحيحة.
فإن قال الملزم: ليس على المناقض أن يبدي جامعا معنويا بين صورة النقض وبين محل علة الخصم فتكليفكم إيانا إبداء معنى التكليف شطط فإن النقض يلزم من جهة قطعة طرد العلة لا من جهة انتظام رابط بينه وبين محل النزاع وهذه مزلة يجب