فإنا نقول للخصم: ما رأيك في علة يطردها الطارد ومضمونها: ألا تزر وزارة وزر أخرى فهل تبطل عندك بتحمل العاقلة العقل فإن سبق إلى مذهب [من] يبطل العلة بورود مثل ذلك عليه بطل عليها مذهبه بما تقدم ونسب إلى رد باب عظيم من العلل المتفق على صحتها فإن الأمة قاطبة مجمعون على طرد هذه العلة [مع اعترافهم بما شذ منها ولا يحكمون على هذه العلة] في هذه القاعدة الكلية بالفساد لشذوذ مسألة عن القاعدة ورأى ذوى الأبصار ألا يحكموا بالشاذ على الكل ولكنهم لا يتركون الشاذ على شذوذه ويعدونها كالخارج عن المنهاج.
٩٩٠- وإن قال الملزم: أسلم أن ما ذكرتموه لا يبطل بتحمل العاقلة قلنا لهم والكتابة الفاسدة عندنا بهذه المثابة.
وآية ذلك: أن معناها الجلي يجري في الكتابة الفاسدة وإن فسد عوضها فليس يفسد معنى تعليق العتق فيها وهذا يشير إلى فرق.
قلنا: ما ذكرته خارج عن الطريقة فإنه إيماء إلى وجه من الصحة لو استمر القول فيه والذي نحاوله ألا يثبت للفاسد حكم أثبت للصحيح لجلب مسألة.
٩٩١- وإن قال الخصم: خذوا الكتابة في منزلة المناقضة شبها فإن الشبة في الأقيسة صحيح مع افتقارها إلى الجوامع فلأن يلزم مسلك الشبه نقضا أولى وليس على الناقض جمع.
قلنا: هذا أوان كشف الغطاء في هذه المحال.
فنقول: لا مشابهة بين صحيح الكتابة وصحيح البيع فإذا لم يتشابها في منزلة الصحة فكيف يتشابهان في الفساد؟
وإن [قنع] الملزم بلفظ يجمع البابين ألزم على مقصوده إيراد تحمل العاقلة على أبواب الغرامات فلاح بما تمهد أنه لا متمسك للخصم بالكتابة الفاسدة على وجه لا على سبيل التعليل ولا على سبيل المناقضة.
٩٩٢- ومن أمثلة هذا الفصل الاكتفاء بالخرص على من يدعونا إلى التقدير بالكيل أو الوزن الضابطين فالأصل الضبط بالممكن في كل جنس ولكن الخرص أثبته الشرع لحاجة في قضية مخصوصة فهو من المستثنيات ولكن قد ينقدح في هذه.