ويكفى فيما نرومه أن القياس إذا خالف وضعه موجب متمسك في الشرع هو مقدم على القياس والقياس مردود فاسد الوضع [فهذا أحد النوعين] .
١٠٢٧- والنوع الثاني: أن يقع المعنى الذي ربط القايس الحكم به مشعرا بنقيض قصد القايس وهذا بالغ في إفساد القياس وهو زائد على إفساد القياس على الطرد وقد قدمنا أن الطرد إنما يرد من جهة أنه لا يناسب الحكم ولا يشعر به [فالذي لا يشعر به] بل يشعر بخلافه [أولى] أن يرد وهذا كذكر سبب يشعر بالتغليظ في روم تخفيف أو على العكس من ذلك.
مسألة:
١٠٢٨- إذا اعتبر القايس القصاص بالدية في الثبوت على الشركاء حيث يبغى ذلك أو اعتبر الدية بالقصاص في السقوط حين يلتمسه أو قاس الحد على المهر [في طلب الثبوت أو المهر على الحد] في محاولة السقوط فقد أطلق طوائف من الجدليين أقوالهم بفساد القياس صائرين إلى أن العقوبات تدرأ بالشبهات وأروش الجنايات تثبت الشبهات فاعتبار أحد البابين بالآخر فاسد الوضع.
١٠٢٩- وسنبين القياس الصحيح باعتبار ما يسقط بالشبهة [بما] لا يسقط بها أو على العكس وهذا أطلقه حذاق في كتبهم.
وليس الأمر عندي كذلك على الإطلاق فإن المهر وإن كان قد يجب مع الشبهة فلا يقضى الشرع بثبوته أبدا ولكنه قد يسقط في بعض الأحوال [وكذلك القصاص] فإن كان يتعرض للسقوط بالشبهة فلا شك أنه [يجب] في بعض الأحوال.
فإذا تعرض القايس لحالة يقتضى حكم الإخالة فيها اجتماع القصاص والدية في السقوط واجتماعهما في الثبوت فقد تعرض جاريا لتبيين الرشاد والسداد وليس يلتزم القايس في التفصيل قياس باب القصاص على باب الدية فلو حاول ذلك لكان مبطلا.
فتحصل من مجموع ذلك أن المتبع في هذا أن اعتبار الباب بالباب مع افتراقهما في أصل الوضع محال متناقض لما عليه وضع الشرع.
وذلك إذا التزم الجامع أن يجب القصاص حيث تجب الدية أو تسقط الدية حيث يسقط القصاص.