١٠٥٥- ومن الدليل على قبول [العلة و] المعارضة أن المجيب التزم إذ نطق بالعلة [تصحيحها] والوفاء بإتمام هذا الغرض منها [في مسلك الظن] ولن يتم هذا الغرض ما لم تسلم العلة عن المعارضة ولو قيل أظهر الاعتراضات وأكثرها وقوعا المعارضات في تقابل الظنون لكان ذلك ترجيحا فالمقصود أنه لا يتطرق الكلام ما لم يغلب على الظن ثبوت علة المجيب ومن ضرورة ذلك درء المعارضات عنها والسائل مرتب في مراسم النظر لإيراد ما يقدح لو ثبت فإذا فعل ما رتب له شيئا تصدى المجيب لدفعه والجواب عنه فيكونان متعاونين على البحث اعتراضا وجوابا.
والذي ذكره هؤلاء [من] أن السائل ممنوع من الإتيان بصورة الدليل لا طائل وراءه فإن صورة الأدلة ما امتنعت من حيث إنها تسمى أدلة وإنما امتنعت إذا كان السائل مضربا عن قصد الاعتراض آتيا بكلام على الابتداء ليس اعتراضا فهذا يخرم شرط الجدل من جهة أن السائل إذا كان كذلك مع المسئول لا يتلاقيان على مباحثة والغرض من المناظرة التعاون على البحث والفحص.
١٠٥٦- وبالجملة إذا كان يقبل من السائل اعتراض لا يستقل في نوعه كلاما فلأن يقبل منه كلام ينقدح ويستقل اعتراضا أولى.
ولم يختلف أرباب النظر قاطبة في أن المجيب إذا تمسك بظاهرة فللسائل أن يؤوله فإذا كان التأويل مقبولا منه فمن ضرورته اعتضاده بدليل وإذا جاء بما يعضد التأويل فهو دليل فإن قبل من جهة كونه عضد التأويل الواقع اعتراضا فليقبل معارضة القياس بالقياس على قصد الاعتراض وإن تشبث متشبث بمنع قبول التأويل من صاحب التأويل فقد تصدى لأمرين عظيمين:
أحدهما: أن يقبل التأويل منه من غير دليل وهذا خرق فإن المستدل معترف بتوجه التأويل [وإمكانه] مقر بأن متمسكه ظاهر وليس بنص فهذا أحد الأمرين.
والثاني: أن يفسد باب التأويل على السائل ويتوخى المناظرة بذكر المسئول ظاهرا وهذا اقتحام عظيم وأن التزم السائل أن يعارض الظاهر بالظاهر فقد يقدمه [في هذا المقام] ثم في هذا اعتراف بقبول المعارضة فليجر مثله في الأقيسة.
١٠٥٧- فإذا تبين أن المعارضة من أقوى الاعتراضات الصحيحة المفسدة فالجواب عنها ينحصر في مسلكين: