أحدهما: أن يتصدى المجيب لإفساد ما عورض به بمسلك من المسالك المذكورة في الاعتراضات الصحيحة.
والثاني: أن يرجح علته على ما عورض به على ما سيأتي شرح قواعد الترجيح وتفاصيلها في كتاب الترجيح إن شاء الله تعالى.
فإذا لم يتأت أحد المسلكين كان منقطعا.
١٠٥٨- ومن أسرار المعارضات أنه إذا غلب على الظن استواء العلتين فسدتا فلو قال قائل: ترجيح السائل غير مقبول ابتداء وانحسام الترجيح يفسد ما جاء به وليس بين هذين المسلكين مسلك.
قيل: هذا منتهى غرض السائل ومنه قال المحققون معارضة الفاسد بالفاسد اعتراض صحيح وعند ذلك يتبين تحقيق المعارضة الصادرة من السائل إذ غرضه الإفساد المحض لا البناء.
١٠٥٩- ثم مما يتصل بأحكام المعارضة أن المجيب إذا رجح علته لم ينحسم على السائل مسلك معارضه الترجيح بالترجيح فليفعل ذلك وليجرد قصده إلى طلب المساواة فإنها إذا ثبتت فسد بها كلام المسئول ومن خرق السائل أن يتشوف إلى الزيادة على قصد المساواة فإنه إذا فعل ذلك كان ذاهبا إلى مضاهاة قول البانين ولا يبعد أن ينسب فيه إلى الجهل بمراسم الجدل.
فلو ذكر المسئول ترجيحا فعارضه السائل بترجيحين وفي أحدهما كفاية في طلب المساواة فهو مجاوز لسواء القصد وإن عارض بترجيح واحد [ولكنه أوقع] من كلام المسئول فهذا يقبل منه فإنه قد لا [يجد] غيره ومنعه من الإتيان به يمنعه من معارضة العلة بعلة أجلى منها وأظهر في بوادي الظنون.
والسبب في قبول هذا الفن أن ما في الترجيح من مزية القوة والظهور لا يمكن قطعه من الكلام وهو إذ جيء به اعتراض فليقبل اعتراضا إذ لم يقبل بناء وابتداء فهذا منتهى الكلام في ذلك.
١٠٦٠- ومما يتعلق بالمعارضة وهو مفتتح القول في الفرق أن السائل إذا اقتصر على معارضة علة الأصل بعلة أخرى [بحكم الأصل ولم] يأت بعلة مستقلة ذات فرع وأصل على ما نعهده من صيغ التعليل فهذا يستند أولا إلى ما سبق تمهيده من أن.