للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم الواحد هل يعلل بعلتين؟ وقد مضى في ذلك قول بالغ.

فمن لم يمنع تعليل حكم بعلتين لم يعتد بما جاء به السائل اعتراضا من جهة أن ثبوت ما أورده السائل [علة] منتهى مراده ولو سلم له ما يحاوله لم يندفع دليل المسئول وقد ذكرنا ما نختاره في ذلك وأنهينا الكلام غاية انفصل القول عنها مع القطع بأن الحكم الواحد لا يعلل بعلتين فليقع التعويل على المختار ووراءه عرض الفصل فإنا رأينا امتناع ذلك وقوعا وإن كان لا يمتنع من ناحية التجويز العقلي فينشأ من ذلك قضية جدلية لطيفة مشوبة بحقائق الأصول.

مسألة:

١٠٦١- إذا قبلنا من السائل معارضة العلة بالعلة المستقلة فلو عارض علة الأصل التي جعلها المسئول رابطة القياس بعلة أخرى وزعم أن العلة ما أبداها معترضا لا ما أتى به المعلل جامعا رابطا فمن الجدليين من يرى ذلك اعترضا واقعا وأوجب على المجيب الجواب عنه ومنهم من لم يره اعتراضا فالمذهبان جميعا في المسألة المعقود مبنيان على منع تعليل الحكم بأكثر من علة واحدة.

١٠٦٢- فأما من رأى ذلك اعتراضا فوجهه أن من شرط سلامة علة الخصم عروها عن المعارضة من جهة امتناع [تعدد] العلة فإذا أبدى المعترض علة أخرى فقد عارض معارضه يمتنع معها لو صحت تقديرا ثبوت علة المجيب كما يمتنع ذلك في العلتين المستقلتين الجاريتين على التناقض في التعارض.

وحقيقة هذا المذهب آيل إلى أن المعلل لا يستقل كلامه ما لم يبطل بمسلك السبر كل ما عدا علته مما يقدر التعليل به فإذا علل ولم يسبر فعورض في معنى الأصل بعلة فكأنه طولب بالوفاء بالسبر وتتبع كل ما سوى علته بالنقض.

١٠٦٣- ومن لم ير ذلك اعتراضا استدل بأن إبداء معنى آخر من المعارض على صورة دعوى عرية عن الدليل وقد سبق المسئول في إثبات معنى أصله بالدليل إما معتنيا به بعد طرد العلة ومضمنا ذلك علته من جهة إشعارها ووفقها وإخالتها والسائل إذا أبدى معنى غير مقرون بدليل على تهيئة وصلاحه لكونه علة للحكم فصيغة كلامه معارضة كلام مدلول عليه بدعوى فهذا القائل لو أبدى المعنى وقرنه بما يعد دليلا على إثبات المعنى كانت معارضة مقبولة ويتعين إذ ذاك على المسئول الجواب عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>