والمعتمد في صحة العلة أنها مستجمعة شرائط الصحة إخالة ومناسبة وسلامة عن الاعتراضات ومعارضات النصوص وهي على مساق العلل الصحيحة ليس فيها إلا [اقتصارها] وانحصارها على محل النص وحقيقة هذا يئول إلى أن النص يوافق مضمون العلة ويطابقها وهذا بأن يؤكد العلة ويشهد بصحتها أولى من أن يشهد على فسادها وليس يمتنع في حكم الله تعالى ووضع شرعه أن تكون العلة المستثارة هي العلة المرعية [الشرعية] في القضية التي ثبت حكمها بالنص فإذا لم يمتنع ذلك وقوعا ولم يوجد إلا موافقة النص ومطابقته لموجب العلة فلا وجه [للحكم] بفسادها.
١٠٩١- ويتوجه وراء ذلك سؤالان: والانفصال عنهما يبين حقيقة المسألة.
أحدهما: أن قائلا لو قال العلة تستنبط وتستثار لفوائدها ولا فائدة في العلة القاصرة فإن النص يغني عنها ولسنا نمنع الظان أن يظن حكمه في مورد النص ومن اكتفى بهذا التقدير سوعد وليس ذلك محل الخلاف المعنى بالصحة والفساد فإن الغرض إبانة كون العلة القاصرة مأمورا بها ومعنى صحتها موافقتها الأمر ومعنى فسادها عدم تعلق الأمر بها ولا حرج على المفكرين في استنباط حكم إذا لم يكن استنباطهم مناطا لأمر فيخرج من ذلك أن القائل بالعلة [القاصرة] إن لم يظهر لها فائدة لزمه الاعتراف بكونها ساقطة الاعتبار خارجة عن تعلق الأمر الشرعي ولقد أضطرب أرباب الأصول عند هذا المنتهى.
١٠٩٢- ونحن نذكر المختار من طرقهم ونعترض على ما يتطرق الاعتراض إليه ثم ننص على ما نراه.
قال قائلون ممن يصحح العلة القاصرة: فائدة تعليل تحريم التفاضل في النقدين تحريم التفاضل في الفلوس [إذا جرت نقودا وهذا خرق من قائله وضبط على الفرع والأصل فإن المذهب أن الربا لا يجري في الفلوس] إن استعملت نقودا فإن النقدية الشرعية مختصة بالمصنوعات من التبرين والفلوس في حكم العروض وإن غلب استعمالها.
ثم أن صح هذا المذهب قيل لصاحبه إن كانت الفلوس داخلة تحت أسم الدراهم فالنص متناول لها والطلبة بالفائدة قائمة وإن لم يتناولها النص فالعلة متعدية إذا.