للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسألة مفروضة في العلة القاصرة.

١٠٩٣- وقال قائلون: العلة القاصرة تفيد بعكسها فإذا ثبتت النقدية علة في النقدين فالنص مغن عن محل طرد العلة ولكن عدم النقدية يشعر بانتفاء تحريم الربا والنص على [اللقب] لا مفهوم له فهذا وجه إفادة العلة.

ويتوجه على هذا وجوه من الكلام واقعة لا استقلال بالجواب عنها:

منها أن الانعكاس لا يتحتم في علل الأحكام ولا يمتنع ثبوت علة يناط الحكم بها مع انتفاء العلة المعينة وإذا كان ذلك لا يمتنع فالعكس يضطر إلى إبطال ما يدعيه الخصم من العلة في معارضة العكس فإن لم يقدر على ذلك لم يستقل كلامه وإن تمكن من إفساد ما يبديه الخصم من العلل المتعدية فلا حاجة أيضا إلى تكلف العكس فإن الأحكام تثبت غير متعلقة بدلالة وأمارة فليكتف الناظر بالنص في محل إثبات الحكم [ثم يكفيه في محل العكس عدم الدلالات على ثبوت نقيض الحكم] الذي يشهد عليه النص في محله ورجع حاصل القول إلى تكلفة طردا وعكسا من غير فائدة.

ومما يوضح الغرض في ذلك أن العلة إنما تنعكس ويتعين التعلق بها في إثبات نقيض حكم الطرد وبعكسها بشرطين:

أحدهما: أن تكون مخيلة في الطرد والعكس يشعر العدم فيها بالعدم كما يشعر الوجود فيها بالوجود.

والآخر: ألا تخلف العلة الزائلة في الثبوت علة فإن لم تخلف علة وأحال النفي في الانتفاء إحالة الثبوت في الإثبات فإذ ذاك يتصور محل الطرد.

والعكس بصورة مسألتين مشتملتين على علتين وكل واحدة منهما سليمة عما يشترط سلامة العلل عنها وإذا كان الأمر كذلك فلتكن النقدية مخيلة حتى يتخيل فيها الانعكاس وليست النقدية مخيلة فقهية فقد سقط طلب إفادتها من جهة الانعكاس.

١٠٩٤- فإن قال قائل: إذا سلمتم أن العلة إذا لم تفد فلا يحكم عليها بصحة ولا فساد ولا تقدر متعلقا لأمر ولا نهي وعدت خطرة في مجاري الوسواس وخرجت عن الرتب المعول بها في الأقيسة فأين تستعمل هذه العلة القاصرة؟

[قلنا] : إن كان كلام الشارع نصا لا يقبل التأويل فلا نرى للعلة القاصرة وقعا ولكن يمتنع عن الحكم بفسادها لما ذكرناه في صدر المسألة وإنما [يفيد] إذا كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>