قول الشارع ظاهرا يتأتى تأويله ويمكن تقدير حمله على الكثير مثلا دون القليل فإذا سنحت علة توافق الظاهر فهي تعصمه عن التخصيص بعلة أخرى لا تترقى [في] مرتبتها على المستنبطة القاصرة.
١٠٩٥- ثم في ذلك سر وهو: أن الظاهر إذا كان يتعرض للتأويل ولو أول لخرج بعض المسميات ولارتد الظاهر إلى ما هو نص فيه فالعلة في محل الظاهر كأنها ثابتة في مقتضى النص متعدية إلى ما اللفظ ظاهر فيه حيث عصمته عن التخصيص والتأويل فكان ذلك إفادة وإن لم يكن تعديا حقيقيا فلا يتجه غير ذلك في العلة القاصرة فليفهم الفاهم ما يرد [عليه من] ذلك.
١٠٩٦- فإن قيل: قول الرسول عليه السلام: "لا تبيعوا الورق بالورق"، الحديث١ نص أو ظاهر؟ فإن زعمتم أنه نص فالتعليل [بالنقدية] باطل وإن كان ظاهر فالأمة مجمعة على إجرائه في القليل والكثير فقد صار بقرينة الإجماع نصا فأي حاجة إلى التعليل؟ فهذا منتهى القول فيه.
فنقول: أما الحظ الأصولي فقد وفينا به والأصول لا تصح على الفروع فإن تخلفت مسألة فلتمتحن بحقيقة الأصول فإن لم تصح فلتطرح.
١٠٩٧- فإن قيل: ما ذكرتموه تصريح بإبطال التعليل بالنقدية.
قلنا: لم نر أحدا ممن خاض في مسائل الربا على تحصيل فيما نورده ونصدره والصحيح عندنا: أن مسائل الربا شبهية ومن طلب فيها إخالة اجترا على العرب كما قررناه في مجموعاتنا ثم الشبه على وجوه فمنها التعلق بالمقصود وقد بينا أن المقصود من الأشياء الأربعة الطعم والمقصود من النقدين النقدية وهي مقتصرة لا محالة وليست علة إذ لا شبه لها ولا إخالة فيها ولكن لما انتظم فيها اتباع المقصود عد من مسالك الأشياء الأربعة وليس بعد هذا نهاية.
١٠٩٨- السؤال الثاني: فإن قال قائل: النص مقطوع به والعلة مستنبطة مظنونة ومجال الاجتهاد عند انعدام القواطع فلتبطل العلة القاصرة من حيث إنها مظنونة وهذا قريب المأخذ من السؤال الأول فإن غايته ترجع إلى أن لا فائدة فيها ولا أثر لها وما اخترناه يدرأ هذا فإنا بينا أن العلة إنما تستنبط ولفظ الشارع ظاهر.