١٠٩٩- وقد ذكر بعض المنتمين إلى الأصول وهو: الحليمي طريقة [وأخذ] يتبجح بها وقال: من ينشئ نظره لا يدري أيقع على قاصرة أم متعدية فإن العلم بصفة العلة غير ممكن حالة إنشاء النظر فيجب النظر من هذه الجهة.
وقائل هذا قليل [النزل] فإن الخصم لا ينكر هذا وإنما الخلاف فيما تحقق قصوره فما قول هذا الشيخ إذا انكشف النظر والعلة قاصرة؟ ولا مزيد إذا على ما تقدم.
١١٠٠- ثم تكلم القائلون بالعلة القاصرة إذا عارضتها علة متعدية وثبت بمسلك قاطع من إجماع أو غيره اتحاد العلة في مورد النص فأي العلتين أقوى؟
فذهبت طوائف من الفقهاء إلى أن المتعدية أقوى من حيث إنها المفيدة والقاصرة يغنى النص عنها.
وذهب الأستاذ أبو إسحاق: إلى أن القاصرة أولى فإن النص شاهد لحكمها.
وامتنع آخرون من الترجيح من جهة التعدي والقصور.
وكل ذلك عندنا خارج عن حقيقة المسألة: ومن أطلع على ما قدمناه هانت عليه هذه المدارك وآل القول إلى أن القاصرة والمتعدية إذا سنحتا في مورد ظاهر والظاهر شاهد للقاصرة وهو أيضا شاهد في مضمونه للمتعدية فإن المتعدية تستوعب محل الظاهر وتزيد فقد استويا في الشهادة واختصت المتعدية بالإفادة وهي المعتبرة في تقدير توجه الأمر بالقياس فإذا جرت المتعدية سليمة لم يقدح فيها غير معارضة القاصرة.
١١٠١- والذي يظهر عندي أن المتعدية أولى وهذا إذا استوتا في المرتبة جلاء وخفاء.
وسيعود هذا الفصل بعينه في كتاب الترجيح إن شاء الله تعالى.
وما قدرناه لا يجري في [النقدين] فإن العلة التي عداها الخصم فيها باطلة من وجوه سوى المعارضة وإنما الذي ذكرناه كلام مرسل حيث يتصور سلامة القاصرة والمتعدية ولو فرضت كل واحدة منهما مفردة.