للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسب وهو في ذلك يلتفت إلى قواعد الشرع ويدور عليها.

١١٧٨- ومن بديع نظره أنه قد يعن له معنى مخيل ولكن يراه منقوضا [بما لا يعلل] فيلحقه بما لا يعلل وهذا مسلكه في منع القيم في الزكوات فإن غرض الزكاة سد الخلة والحاجة وهو وإن كان معقولا فلا جريان له فرأى الأتباع فيه معنى السد مع الخلاص [من] غرر المخالفة ثم جعل كون الزكاة عبادة عضدا لذلك كالمرجح به ولا حاجة إلى ذكر [مذهب] غيره فإن في هذا تنبيها على مقتضاه.

١١٧٩- طريقة أخرى: وهي تشتمل على نظر كلي إلى الفروع وهذا يتأتى بضبط ورد نظر إلى الكليات فالشريعة متضمنها مأمور به ومنهي عنه ومباح.

فأما المأمور به: فمعظمه العبادات فلينظر الناظر فيها وأما المنهيات فأثبت الشرع في الموبقات منها زواجر ولا يكاد يخفى احتياط كثير من الناس فيها وبالجملة الدم معصوم بالقصاص ومسألة المثقل يهدم حكمة الشرع فيه والفروج معصومة بالحدود ولا يخفى ما فيها من الاضطراب والأموال معصومة عن السراق بالقطع وقد أثبت من [نعنيه] ذرائع إلى إسقاطه سهلة المدارك وأعيان الأموال مستردة من الغصاب.

وقد بان للفقيه مسالك الناس الذين خالفوا مذهب الشافعي١ فمن نظر إلى الأصول ثم نظر نظرا كليا إلى الفروع لم يخف عليه من يكون أولى بالاتباع وإن قصر [نظر] بعض المستفتين عن فهم ما ذكرناه فلا عليه لو [احتذى] بقول النبي عليه السلام: "الأئمة من قريش" ٢ ولم أجد أحدا من أصحاب المذاهب معتزيا إلى طينة قريش بالمسلك الواضح إلا الشافعي ولا خلاف في اختصاصه بذاك وأبو حنيفة من الموالى ومالك كذلك [على ما حكى بعض الناس] فهذه مرامز كافية فيما نحاوله وإذا أردنا أن نعبر عن الأئمة الثلاثة الناخلين المرموقين الذين طبقت مذاهبهم طبق الأرض مالك والشافعي وأبو حنيفة رضي الله عنهم قلنا:

١١٨٠ - أما أبو حنيفة فلا ننكر [اتقاد] فطنته وجودة قريحته في درك عرف المعاملات ومراتب الحكومات فهو في هذا الفن واستمكانه من وضع المسائل بحسنه


١ سبق تخريجه.
٢ أحمد "٣/١٨٣", "٤/٤٢١, ٣٤٥", والبيهقي "٣/١٢١", "٨/١٤٣, ١٤٤" والحاكم "٤/٧٦" وسكت عنه الذهبي في "التلخيص" والطبراني "١/٢٢٤" وابن أبي شيبة "١٢/١٧٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>