فإن قيل: يلزمكم على هذا أن توجبوا الاقتداء بمن بعد الشافعي من الأئمة على ما ذكرتموه.
قلنا: إن ثبت لأحد بعده من الأئمة من المزية والفضل وتهذيب ما لم ينتظم وكشف ما لم يتبين فلا يناقض مسلك الطريقة ولكنا لسنا نرى أحدا بلغ هذا المحل وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الفتوى إن شاء الله تعالى.
١١٧٦- طريقة أخرى:
وهي أن نقول: المذاهب [تمتحن] بأصولها فإن الفروع تستد باستدادها وتعوج باعوجاجها وهذا النوع [من النظر] هو الذي يليق بالمستفتين ومنتحلي المذاهب وسبيل محنة الأصول معرفتها أفرادا في قواعد ثم معرفة ترتيبها وتنزيل كل أصل منها منزلته.
فإذا تبين ذلك فأصول الشريعة الكتاب والسنة والإجماع ثم الأقيسة الظنية علامات انتصبت على الأحكام [أعلاما] بأصل من الأصول الثلاثة مقطوع به كما سبق شرح ذلك.
ثم لها مراتب ودرجات ومناصب فإذا نظر الناظر إلى منصب الشافعي عرف أنه أعرف الأئمة بكتاب الله تعالى فإنه عربي مبين والشافعي تفقأت عنه بيضة قريش.
ولا يخفى تميزه عن غيره فيما نحاوله ثم يتعلق معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول بمعرفة الروايات ومقامه لا يخفى في الأخبار ومعرفة الرجال وفقه الحديث والإجماع يتلقى من معرفة الآثار وما يصح نقله من الوفاق والخلاف وهذا بيان الأصول.
١١٧٧- وأما تنزيلها منازلها [فإنه شوف] الشافعي فإنه قدم كتاب الله تعالى ثم أتبعه بسنة رسوله عليه السلام ثم إذا لم يجدها تأسى بالصحابة رضي الله عنهم في التعلق بالرأي الناشئ من قواعد الشريعة المنضبطة أصولها ولم ير التعلق بكل استصواب لما فيه من الانحلال والانسلال عن ضبط الشريعة ثم رأى قواعد الشريعة منقسمة إلى ما يعلل وإلى ما لا يعلل فاستحث على الاتباع فيما لا يعقل معناه وقد يقيس إذا لاحت الأشباه وأما ما يعقل معناه فمغزاه فيه المعنى [المخيل]