واستدل القاضي بأن قال: الخبر مقدم في مراتب الأدلة على القياس [فيستحيل] ترجيح خبر على خبر بما يسقطه الخبر ومن أحاط بمراتب الأدلة لم يتعلق بالقياس في واقعة فيها خبر صحيح فإن القياس مع الخبر الصحيح المستقل الواقع نصا في حكم اللغو الذي لا حاجة إليه وما يقدم على القياس إذا خالفه فهو مقدم عليه أيضا إذا وافقه فالقياس إذا لا وقع له مع ثبوت الخبر والتعارض يوجب سقوط التعلق بالخبرين فإذا سقطا فالتعلق بعد سقوطهما.
١٢٢٠- والقول في ذلك عندي لا يبلغ مبلغ الإفادة ويجوز لمن ينصر نص الشافعي في ذلك أن يقول: إنما يقدم الخبر إذا لم يعارضه خبر فإذا تعارضا افتقر أحدهما إلى التأكيد بما يغلبه على الآخر.
فهذا منتهى القول ولا قطع والعمل بما اجتمع عليه الخبر والنظر.
ونبني على هذا مسائل نسردها ونبين الحق فيها منها:
[مسألة] :
١٢٢١- أنه إذا تعارض خبران واعتضد أحدهما بقياس الأصول وكان أقرب إلى القواعد الممهدة.
قال الشافعي: يقدم ما يوافق القواعد.
ومثال ذلك: الخبران المتعارضان [في صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع فالذي رواه ابن عمر فيه ترددات كثيرة والترددات تخالف نظم الصلاة ورواية خوات ابن جبير ليس فيها حركات وترددات فرأى الشافعي رضي الله عنه تقديم خبر خوات وهذا يتصل تحقيقه بموافقة القياس لإحدى الروايتين ومخالفة الأخرى فكان العمل بموجب القياس أولى ثم يئول الكلام إلى أن رواية خوات مرجحة بالقياس أم الروايتان متعارضتان والتعلق بالقياس بعدهما؟
١٢٢٢- ويجري في هذه الواقعة نوعان من النظر: أحدهما: أنه لا يمتنع جريان الصلاتين الموصوفتين في الروايتين.
وقد مال الشافعي في بعض أجوبته إلى تجويزهما جميعا ثم آثر رواية خوات من طريق التفصيل وهذا متجه حسن فإنه يبعد أن تختلف روايتان في واقعة واحدة اختلاف رواية ابن عمر وخوات.