للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا روى عدلان لفظين من غير تاريخ فالظن بهما الصدق ويقدر [تقدم] أحدهما [وتأخر] الآخر فإذا اعتاص معرفة ذلك منهما قيل: تعارضا.

فأما إذا تعلقت الروايتان بحكاية واحدة وظهر التفاوت في النقل فالوجه أن يحمل الأمر على جريانهما جميعا ويرد الترجيح إلى الفضيلة فهذا وجه.

ومما يتعلق بما نحن فيه أنا إذا حملنا الرواية المختارة على الجواز ولم نجوز غيرها فليس في روايتنا منع لما رواه ابن عمر فإذا لا تعارض في الحقيقة إلا من وجهة واحدة وهي أن يدعي الاتحاد وتنسب إحدى الروايتين إلى الوهم والزلل ثم لا يتعين لذلك أحدهما فيتمسك بالقياس وهذا بعيد عما تعبدنا به من تحسين الظن بالرواة والمختار تجويز ما اشتملت عليه الروايتان ورد الأمر إلى التفصيل.

١٢٢٣- وقد ذكر القاضي وجها في تقديم رواية ابن عمر رضي الله عنهما وهو أنه قال: إنها نافلة عن المألوف في القواعد فيجب حملها على تثبيت الناقل والرواية الأخرى ليست كذلك وقد يشعر بعدم التثبيت وبناء الأمر مطلقا على ما عهد في الشرع.

وهذا غير سديد وهو تحويم على تخصيص عدل بوهم وزلل بموافقة الأصول فيما رواه ثم [في] رواية خوات أنواع من الإثبات لا تعهده في القوانين والقواعد فلا وجه لما ذكره.

مسألة:

١٢٢٤- ومنها: إذا تعارض خبران ووافق أحدهما حكم اقترن من كتاب الله تعالى فقد رجح بعض العلماء الخبر الذي وافقه حكم القرينة.

ومثال ذلك الخبران المتعارضان في العمرة فيروى أن النبي عليه السلام قال: "الحج جهاد والعمرة تطوع" ١ وعارضه ما روى أنه عليه السلام قال: "الحج والعمرة نسكان فرضان لا يضرك بأيهما بدأت " ٢ ثم خبر الفريضة وافق حكم القرآن في كتاب الله تعالى فإنه قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ٣.


١ ابن ماجه "٢٩٨٩" من طريق مندل والحسن وهما ضعيفان, والبيهقي "٤/١٤٨", والطبراني "١١/٤٤٢", والمجمع "٣/٢٠٥", وعزاه إليه في "الكبير" من طريق محمد بن الفضل, وهو كذاب.
٢ الدارقطني "٢/٢٨٤".
٣ آية "١٦٩" سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>