للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما توقفنا في تعارض النصوص من جهة أن معارضة النص بالنص يوهي التعلق به واقتضاؤه إياه يزيد على ما يتعلق به الترجيح وأيضا فإنا لم نتحقق مثالا في تعارض النصيين مع ترجيح أحدهما بمزية البينة والعدد ولم ينقل لنا مسلك الأولين في مثل ذلك حتى نتخذه معتبرا.

[وأما ما] يتعلق بالظنون [فقد] استبنا على قطع استرسال الأولين في الاستمساك بما يتضمن مزية في تغليب الظن فإذا تعارض ظاهران ولم يكن أحدهما في الثبوت والتعرض للتأويل بأولى من الثاني ولم يتطرق إلى أحدهما ما يوجب تغليب الظن فتعارضهما والحالة هذه كتعارض النصين على ما تقدم.

مسألة:

١٢٢٨- إذا تعارض ظاهران أحدهما من الكتاب والآخر من السنة فقد اختلف أرباب الأصول.

فقال بعضهم: يقدم كتاب الله تعالى وقال آخرون: تقدم السنة وقال آخرون: هما متعارضان.

١٢٢٩- فأما من قدم الكتاب فمتعلقه قول معاذ١ إذ قال: "أحكم بكتاب الله فإن لم أجد فبسنة رسول الله فإن لم أجد اجتهد رأيي" ٢ واشتهر في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الابتداء بالكتاب ثم طلب السنة إن لم يجدوا متعلقا من الكتاب.

١٢٣٠- ومن قدم السنة احتج بأن السنة هي المفسرة للكتاب وإليها الرجوع في بيان مجملات الكتاب وتخصيص ظواهره وتفصيل محتملة.

١٢٣١- والصحيح عندنا الحكم بالتعارض فإن الرسول عليه السلام ما كان يقول من تلقاء نفسه شيئا وكل ما كان يقول فمستنده أمر الله تعالى وما ذكره معاذ فمعناه أن ما يوجد فيه نص من كتاب الله تعالى فلا يتوقع فيه خبر يخالفه فمبني الأمر فيه على تقديم الكتاب ثم آي الكتاب لا تشتمل على بيان الأحكام والأخبار أعم وجودا [منها] ثم طرق الرأي لا انحصار لها فجرى الترتيب منه بناء على هذا في الوجود.


١ سبقت ترجمته.
٢ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>