جهة أن النسخ لا يختص بالعبادات والحدود تعني للجمع والاحتواء.
ولم يقيد كثير من الفقهاء الكلام بالتأخير وهذا يرد عليه الألفاظ المتضمنة للتأقيت على الاتساق والاتصال كقوله تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ١ فهذه الألفاظ ليست نسخا وفيها بيان انتهاء الآماد وليس ما ذكرناه مذهبا.
ولكن أتى قوم من اختلال العبارة وقلة تصورهم عما يرد عليها.
١٤١٣- والمذهب الذي يعزى إلى الفقهاء ما ذكرناه عاما للأحكام مقيدا بشرط التأخير.
وحقيقته ترجع إلى أن النسخ في حكم البيان لمعنى اللفظ والمكلفون قبل وروده [لا يقطعون بتناول] اللفظ الأول جميع الأزمان على التنصيص وإنما يتناولها ظاهرا معرضا للتأويل.
فالنسخ عندهم تخصيص اللفظ بالزمان كما أن ما يسمى تخصيصا هو إزالة ظاهر العموم في المسميات.
١٤١٤- وقد صرح الأستاذ أبو إسحاق: بأن النسخ تخصيص الزمان.
١٤١٥- وقالت المعتزلة النسخ هو اللفظ الدال على أن الحكم الذي دل عليه اللفظ الأول زائل في المستقبل على وجه لولاه لثبت مع التراخي.
ومذهبهم قريب من مذهب الفقهاء وقال القاضي أبو بكر بن الطيب النسخ رفع الحكم بعد ثبوته.
وهو لا يحتاج إلى التقييد بالتأخير فإن اللفظ الذي ينتظم لقصد التأقيت ليس فيه رفع حكم بعد ثبوته في قصد الشارع ومعتمد القاضي أن الحكم يثبت على التحقيق مؤبدا ثم يزول بعد ثبوته.
١٤١٦- ونحن نذكر لباب كلام القاضي في إتباع من يخالفه ثم نذكر بعد نجاز تفاوضهم ما هو الحق عندنا.
قال القاضي رحمه الله: إذا كان النسخ في حكم البيان لمعنى اللفظ فلا فرق بينه وبين التخصيص وإزالة ظاهر اللفظ.