وهذا في التحقيق إنكار للنسخ وموافقة لجاحديه من اليهود وغلاة الروافض ويلزم منه تجويز النسخ بما يجوز به التخصيص حتى لا يمتنع نسخ نصوص القرآن والأخبار المتواترة بالخبر الذي ينقله الآحاد وبالقياس على رأى من يرى التخصيص به.
١٤١٧- وهذا الذي ذكره القاضي [عندنا] تشعيب غير مستند إلى مأخذ من القطع.
فأما نسبته القوم إلى موافقة من ينكر النسخ فمردود من جهة أن منكريه لا يرون تخصيص الألفاظ في الزمان.
وما ذكره من إلزامهم تجويز النسخ بما يجوز التخصيص به كلام غير سديد فإن المعتمد في التخصيص ما ظهر من سيرة الصحابة رضي الله عنهم فلولا إزالتهم الظواهر لما أزلناها وقد رأيناهم لا يرون النسخ بما يرون التخسيس به فلا وقع إذا لهذا الكلام.
وإن تعلق متعلق باقتضاء النسخ الرفع في اللغة كان ذلك ركيكا من الكلام فإن مثل هذا الأصل العظيم لا يتلقى من اشتقاق اللغة مع اتساعها لتطرق التأويلات إليها.
١٤١٨- ثم إذا وضح ما ذكرناه فإن نفتتح بعده سؤالا موجها على القاضي ينكشف به وجه الحق فنقول:
إذا أثبت الله تعالى حكما على المكلفين فمعناه تعلق قوله الأزلي به في حق المكلفين فإذا علم [الله] أنه سيرد عليهم ما يسميه العلماء نسخا فخبره الأزلي يتعلق بتقديره وتحقيقه ويستحيل أن يتعلق خبره بثبوته على الأبد وارتفاعه على [الجمع] فإن ذلك لو قدر لكان [تناقضا] فلا معنى إذا لحقيقة الرفع بعد الثبوت وهذا ما لا جواب عنه.
ويتصل به أن اللفظ الأول الوارد على المكلفين إذا اقتضى تأبيدا فهو متضمن بشرط ألا يرد ما ينفي التأبيد وكان التقدير فيه أن المكلفين متعبدون بالحكم الأول أبدا بشرط ألا يرد عليهم ما ينافيه وهذا الشرط وإن لم يكن مصرحا به فهو ثابت قطعا.
١٤١٩- ولا يسوغ فهم الناسخ والمنسوخ مع تنزيه كلام الله تعالى عن.