التناقض واعتقاد استحالة البداء عليه إلا على هذا الوجه.
فإذا الحكم الذي يرد النسخ عليه في علم الله تعالى غير مؤبد ولا لبس على الله تعالى وإنما حسب المتعبدون أمر بأن خلاف ما حسبوه ولو تحققوا لكانوا في استمرار الحكم الأول مجوزين للتقدير الذي ذكرناه فلا يكونون [إذا] قاطعين بالتأبيد في الحكم مع تجويزهم ورود ما ينافيه وعلمهم بأنه لا تبديل لقول الله عز وجل وموجب علمه فيرجع والحالة هذه النسخ إلى انعدام شرط دوام الحكم الأول والنسخ إظهار لذلك بعد أن كان مستورا عن المخاطبين ويرجع التقدير في الحكم الأول إلى أن الحكم ثابت بشرط ألا ينسخ فإذا ظهر النسخ لم يكن مقتضاه رفع ما تحقق ثبوته ولكن كان إبداء [لانتفاء شرط] الاستمرار.
والعبارة عن هذا المقصود أن النسخ هو اللفظ الدال على ظهور انتفاء شرط دوام الحكم الأول.
١٤٢٠- فإن قيل: لا فرق بين هذا الاختيار وبين مذاهب الفقهاء.
قلنا: لا فرق بين هذا وبين مذاهبهم في أن الحكم الثابت في علم الله وقوله تعالى لا يزول لما قدمناه.
ولكن في كلام الفقهاء ما يدل على أن اللفظ الدال على الحكم الأول ظاهر في الأزمان معرض للتأويل تعرض الألفاظ العامة للتخصيص.
وهذا فيه إيهام لا حاجة إليه فإن اللفظ العام في وضعه ليس نصا في استغراق المسميات وليس كذلك موجب اللفظ في تأبيد الحكم فإنا نجوز ورود النص في استغراق الزمان مطلقا مع ورود الناسخ بعده وليس ذلك من جهة تأويل اللفظ في وضعه وإنما هو من جهة [تقدير] شرط مسكوت عنه وهو متضمن كل أمر يجوز تقدير نسخه.
١٤٢١- فإن قيل: لو قال الشارع: هذا الحكم مؤبد عليكم لا ينسخه شيء فهل يجوز تقدير النسخ فيه والحالة هذه؟
قلنا: إذا ثبت هذا المعنى نصا لم يجز ورود [النسخ عليه] فإن [في] تقدير [ورود] النسخ عليه تجويز الخلف ولهذا اعتقدنا تأبيد شريعتنا ولا يكاد يبقى خلاف معنوي مع الفقهاء.