ضروريا مستندا إلى قرائن الأحوال والآمر يريد من المأمور أن يخالفه لغرض له.
وصور الأئمة رحمهم الله في ذلك صوة نأتي بها ونقص باقى الأسئلة عليها.
فنقول: إذا أدب الرجل عبدا له فلم يقع ذلك عند صاحب الأمر وسلطان البقعة موقع الرضا وكاد أن يبطش به فاعتذر المؤدب وذكر أن عبده لا يرتسم مراسمه فأفضى الكلام إلى تكذيبه في معاذيره فحاول تصديق ذلك وأمر العبد والحالة هذه فلا نشك أنه يريد منه أنه يخالفه والإقتضاء ثابت.
فإن قيل: ما يصدر منه في الصورة المفروضة لا يكون أمرا.
قلنا: قد فهم العبد ضرورة منه والحالة ملتبسة عليه ما كان يفهمه من أوامره وجاحد ذلك مباهت ثم كيف ينتهض هذا عذرا لو لم يكن ما جاء به أمرا وغرضه أن يبين مخالفته لأمره.
فإن قيل: ذلك الذي يجده من الإقتضاء هو العلم بكيفية نظم الصيغة قلنا الصيغة المنبئة عن العلم بالصيغة ليست هذه وإنما هي قول القائل مثلا صيغة الأمر حروفها ونظمها [ونضدها] كذا وكذا فأما قول القائل افعل فليس معناه العلم بهذه الحروف بلا تطويل فمعنى "افعل" هو كلام النفس فقد لاح أنه ليس إرادة ولا علما بكيفية الصيغة فلم يبق إلا ما حاولناه.
١١٧- ثم أثبت المعتزلة النظر طلبا زائدا على الإرادة وأنكروا الفكر النفسي.
والهواجس وعندي أن وجدان المرء جريان الفكر من قبيل الضروريات فكل ما حملوا كلام النفس عليه ففي النفس كلام عنه.
والذي يحقق هذا أن العلم الحق يدركه العالم من نفسه إدراكه الامه ولذاته وكذلك الإرادة التي ليست توقانا وشهوة ولذلك اعتاص وأشكل محلها وحمل الأوائل أمرها على النفس والعقل المباينين لعوالم الأفلاك.
وأما الفكر فإنه يحس في النفس إحساس الآلام واللذات.
ففي هذا القدر مقنع في إثبات كلام النفس وهو على إيجازه يفيد الناظر الاستقلال والإيماء إلى غوائل غامضة ونحن نذكر بعد ذلك القول في حقيقة الأمر.