فذهب ذاهبون إلى أنها تقتضي التكرير على استيعاب الزمان مع الإمكان وهذا اختيارالأستاذ أبي إسحاق رحمه الله.
وذهب الأكثرون إلى أنها لا تقتضي عند الإطلاق إلا الامتثال مرة واحدة.
١٤٠- ونحن نذكر ما لكل فريق ثم نختم المسألة بالمختار عندنا.
أما الصائرون إلى اقتضاء التكرير فمعتقدهم الأقوى عندهم اعتبار الأمر بالنهي وفي ذلك مسلكان.
أحدهما: أن الأمر اقتضاء إثبات والنهي اقتضاء انكفاف وهما يجتمعان في أصل الاقتضاء والإطلاق فإذا تضمن أحدهما استيعاب الزمان كان الثاني في معناه.
والوجه الثاني في التمسك بالنهي: أن الأمر بالشيء نهى عن أضداد المأمور به وإذا كان كذلك فالنهي يقتضي الانكفاف عن أضداد المأمور به عموما ومن ضرورة الانكفاف عنها إدامة الامتثال فإن المحل لا يخلو عن الأضداد كلها لا سيما الأكوان وهي معظم أفعال المكلفين وهذا الذي تمسك به هؤلاء باطل.
أما الاعتبار بالنهي مطلقا بمسلك القياس فمردود [فإن قضايا] الألفاظ لا تثبت بالأقيسة وقد سبق في ذلك قول بالغ.
وأما المسلك الثاني فلا أصل له فإن الأمر عندنا لا يتضمن نهيا عن أضداد المأمور به وسيأتي القول في ذلك مشروحا إن شاء الله تعالى.
ولو فرض تسليم ذلك فلا مستروح فيه فإن النهي يقتضي الاستيعاب هو النهي المجرد المقصود فأما ما يقع ضمنا فهو في [اقتضاء الانكفاف عن] الأضداد على حسب اقتضاء الأمر في الامتثال فإذا كان الخصم يعتقد أن صيغة الأمر تقتضي الامتثال مرة واحدة فتضمنها النهي عن الأضداد على هذا النحو يقع وهذا ممثل بالصيغة المقيدة بالمرة الواحدة فإنها تتضمن على هذا الرأي المسلم جدلا نهيا عن الأضداد من غير استيعاب والسبب في ذلك أن ما يقع ضمنا فإنه يتبع المتضمن في مقتضاه لا محالة.
ومما تمسك به أصحاب التكرار أن قالوا الأمر يقتضي وجوب اعتقاد الامتثال والعزم عليه قبل الإقدام على الامتثال نفسه ثم العقد أو العزم يعمان ولا يختصان فليكن الإمتثال المقصود كذلك.