للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ركيك١ لا أصل له فإن اعتقاد الوجوب ليس من مقتضيات الأمر وإنما هو من حكم العقد الصحيح المفضي بصاحبه إلى الإذعان لأوامر الله ولو فرض الأمر مقيدا بالامتثال مرة واحدة لكان القول في العقد على هذا النحو فلا حاصل لهذا الكلام.

وإن طمع من لا يحيط بالحقائق أنه يسلم له دوام اعتقاد وجوب الامتثال في الصيغة المطلقة على معنى أن الامتثال يدوم وجوبه والعقد بحسبه فهذه غباوة وذهول عن محل الخلاف ومن شرط هذا المجموع أن نقتصر فيه على الرمز إلى [أمثال] هذه المخالات وأما العزم فسأذكر فيه فصلا مستقصى في المسألة التي تلي هذه إن شاء الله تعالى.

١٤١- وأما الصائرون إلى أن الصيغة [المطلقة] تقتضي امتثال المأمور به مرة واحدة فقد تمسكوا بمسلكتين.

أحدهما: يشتمل على الاستشهاد بالأمثلة.

والثاني: يتضمنه معنى [يرونه] معتمدهم.

فأما الأمثلة فقد قالوا: إذا قال قائل: تصدق زيد أو ليتصدق زيد٢ لم يتضمن ذلك إدامته بل يشعر بالفعل مرة واحدة فليكن صيغة الأمر كذلك ومما استشهدوا به البر في اليمين ثم أوردوا الحنث نظيرا للنهي فقالوا من حلف ليفعلن بر بالمرة الواحدة وهو نظير الأمر فإذا حلف لا يدخل الدار فمتضمنه الانكفاف عنه عموما وهذا يناظر النهي.

وهذا المسلك غير مرضى عند المحققين فإن مساقه القياس واعتبار اللفظ باللفظ وهو محسوم عند المحققين فإن أمكن تحقيق اللفظ نقلا واستنباطا فهو المفيد وإن كان بالتعويل على القياس فهو ساقط ولا سيما مع العلم بتفاوت صيغ الأفعال واختلاف مقتضياتها.

والمسلك الثاني للقوم أنهم قالوا من امتثل الأمر مرة يسمى ممتثلا ولو كان ما جاء به بعض مقتضى اللفظ لما ساغ تسميته ممتثلا وهذا ساقط فإنه يجري مثله في.


١ ركيك: ضعيف.
٢ ومن هذين المثالين تعلم أن طلب الفعل يتحقق بصيغة الأمر المعروفة أو بصيغة المضارع المقترن بلام الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>