فيما أمرتني به من إدامة القيام طول النهار ولا يشك ذو عقل أن دوام القيام الذي اتصل الأمر به مرسلا في الدار التي نهى السيد عن دخولها في كونه امتثالا للأمر كالقيام الذي يفرض في غير تلك الدار التي نهاه السيد عنها وذلك يئول إلى اتباع المقصود لكل ذي أمر والفعل وإن اتحد فقد تعدد صوب قصد الامر والناهي فلم يبعد وصفه بكونه مأمورا به من وجه منهيا عنه من وجه.
والذي يكشف الغطاء في ذلك أن الفعل لا يكتسب من كونه متعلقا للأمر والنهى صفة وإنما معني كونه مأمورا به [أنه] المقول فيه افعل ومعنى كونه منهيا عنه تعلق النهي به ثم لا يمتنع فرض قولين أحدهما على الإطلاق ولا تقييد له بحال والثاني على وجه آخر [نعم] النهي عن الشيء مقصودا والأمر به مقصودا ممتنع.
٢٠٣- وما ذكرناه وما لم نذكره نضبطه الآن بأقسام ثلاثة فنقول:
إذا ورد أمر بشيء على وجه فلا يجامعه النهي عنه على ذلك الوجه بل هما يتعاقبان ويتناقضان فهذا قسم.
والقسم الثاني: أن يفرض أمر مطلق يتبين منه أن مقصود الامر تحصيله ثم يفرض نهى عن إيقاع ذلك المأمور السابق على وجه مع التعرض في النهي [للأمر] قصدا إليه فما كان كذلك فالنهي يقتضي إلحاق شرط بالمأمور حتى إذا فرض وقوعه على مراغمة النهي فإنه يقال فيه: إنه ليس امتثالا ويلتحق تقدير الإجزاء فيه مع تجريد القصد إلى النهي بالقسم الأول.
والقسم الثالث: أن يجري الأمر مطلقا ويتبين أن الغرض إيقاع المأمور به من غير تخصيص بحال ومكان ثم يرد نهى مطلق عن كون في مكان من غير تخصيص له بموجب الأمر الأول فيقع النهي مسترسلا لا تعلق له بمقصود [الأمر ويبقى الأمر مسترسلا لا تعلق له بمقصود] النهي فإذا انقطع ارتباط أحدهما بالآخر ووقع الفعل على حسب الأمر مخالفا للنهي قيل فيه إنه وقع مقصودا للأمر المطلق منهيا عنه بالنهي المؤخر فلا يمتنع والحالة هذه اجتماع الحكمين وينزل هذا منزلة [تعدد] الامر والناهي وهذا في غاية الوضوح.
فإذا انساق ما ذكرناه انعطفنا علة القول في الصلاة في الدار المغصوبة وقلنا: لم يثبت النهي عن الكون في الدار المغصوبة في وضع الشرع متعلقا بمقصود الصلاة فاسترسل النهي منقطعا عن اغراض الصلاة وبقيت الصلاة على حكمها فإن صح نهى مقصود عن الصلاة في الدار المغصوبة فلا.