للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكفالة بالنفس في المال فكذلك كفالة١ بعين المكفول به في حق يجب عليه الخروج منه إلى من يكفل له به من ماله فمثله الكفالة به فيما يجب عليه الخروج من نفسه من حق لزمه لله جل وعز أو لآدمى.

والصواب في ذلك من القول عندنا ما صح به الخبر عن ابن مسعود وجرير والأشعت أن الكفالة بنفس من لزمه حق لله جل ثناؤه أو لآدمي جائزة وإن على الكفيل به التسليم إلى من يكفل له به لأن المكفول به هو الشخص الذي لزمه الحق لا ما لزم جسمه فالكفيل بتسليم ما لزمه تسليمه إلى من لزمه تسليمه إليه مأخوذ فإن ظن ظان أن الحد حق لله جل وعز يجب على الإمام إقامته على من لزمه وليس بحق لآدمي وإذا كان ذلك كذلك لم يكن للمكفول به خصم في الحد فيحكم عليه بإعطاء الكفيل بنفسه فإن الخصم في مطالبته بذلك الإمام الذي جعل إليه إقامة الحد الذي لزمه٢ عليه فله أخذ الكفيل منه في ذلك إذا قامت عليه بينة بما يوجب عليه الحد حتى يسأل عن البينة إذا لم يكن يعرفهم بالعدالة إن رأى ذلك وخاف هرب المشهود عليه وأما فيما كان من قصاص فالخصم فيه المجني عليه إذا كان فيما دون النفس فإذا كفل للمجني عليه كفيل بنفس الجاني ثم طالبه به المجني عليه فلم يسلمه إليه وهو على تسليمه إليه قادر حبس له حتى يخرج إليه من كفالته وإن كنا لا نرى للحاكم إلزام أحد احتكم إليه مع خصم له إعطاء خصمه كفيلا بنفسه لأنه لا حال له إلا اثنتان إما حال قد بان للحاكم فيها وجه الحكم فلا وجه لامرء قد توجه عليه الحكم بإعطاء خصمه كفيلا بل الواجب عليه إمضاء الحكم عليه أو حال لم يبن له فيها الحكم فلا وجه أيضا لتعنت من لم يثبت عليه حق لخصمه بتكفيله وإعطائه الكفيل بنفسه من وجه الحكم ولكنه إن رأى فعل ذلك على وجه المصلحة ففعله لم أره مخطئا إذ كان للسلطان حمل رعيته على ما فيه مصلحتهم مما لا يكون فيه خروج عما أطلق الله له وأذن له به.


١ ن: بغير.
٢ ن: علمه.

<<  <   >  >>