والصواب من القول في ذلك عندنا أن يستحلف المدعى عليه الكفالة لأن الكفالة بالنفس حق من حقوق المدعى إذا ثبتت على الكفيل يلزم الحاكم أخذ الكفيل بها فسبيلها سبيل سائر الحقوق الواجبة لبعض الناس على بعض.
فإن حلف المدعي ذلك عليه برئ من مطالبة خصمه إياه بذلك وإن نكل عن اليمين فإنه يجب على قول مالك والشافعي ان ترد اليمين على المدعي فإن حلف أخذ له المدعى قبله الكفالة بالكفالة.
وأما على قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه فإنه يجب على الحاكم إن نكل المدعي عليه الكفالة عن اليمين على دعوى صاحبه أن يلزم الكفالة التي ادعاها عليه صاحبه فإن استعدى الكفيل على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه والأمر على ما وصفنا من قضاء الحاكم على الكفيل بالكفالة بعد جحوده ذلك ونكوله عن اليمين لخصمه وحلف خصمه على ما أنكر من ذلك لم يكن للحاكم أن يكلفه الحضور معه لذلك لأنه بجحوده الكفالة قد أقر أنه ليس له على المكفول به سبيل بسبب كفالته إياه لخصمه ولكن لو أن رجلا ادعى على رجل أنه كفل له بنفس فلان غريم له ورفعه إلى الحاكم فأقر الكفيل بالكفالة فقضى بها عليه فسأل المقضي عليه بها أن يعديه على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه من الكفالة نظر الحاكم في ذلك فإن كان المكفول به مقرا أنه أمر الكفيل أن يكفل به لصاحبه أعداه عليه وأمره بالحضور معه حتى يبرئه مما دخل فيه من الكفالة بنفسه بمسألته ذلك إياه وإن أنكر المكفول به أن يكون أمره بذلك وحلف عليه لم يكلف حضوره معه ولا يعدي عليه الكفيل إلا أن يقيم الكفيل بينة عادلة أنه كفل به بأمره فيكلف حينئذ الحضور معه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إن استعدي الكفيل على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه من الكفالة فإن كان المكفول به أقر أنه أمره ان يكفل به أمر أن يحضر معه فيبرئه وإن قال كفل بي ولم آمره فحلف على ذلك لم يجبر على الحضور معه.