ولو أن العبد كفل بنفس من كفل بنفسه لمن كفل له بنفسه بإذن مولاه له بذلك فإن ذلك له لازم ويؤخذ به كما يؤخذ به الحر وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن مولاه لو أذن له في الشراء والبيع والمداينة إن ذلك جائز وأنه يؤخذ لمن بايعه شيئا بثمن ما باعه ويحكم له على من ابتاع منه شيئا بثمن ما ابتاع منه وهم جميعا مجمعون على أن سيده لو لم يكن أذن له فيه أنه لم يكن شيء من ذلك جائزا ولا له لازما فألزمه الجميع في حال أذن السيد له في البيع والشراء ما باع واشترى ما لم يلزموه في غير حال أذن السيد له في ذلك فكذلك مثله كفالته لمن كفل له بنفس آخر أو بمال له على غريم له يلزمه في حال أذن سيده له في الكفالة ما لم يكن له لازما في غير حال إذنه له إذا اتبعه المكفول له بما كفل له به.
وبذلك كان شريح القاضي يقول "حدثني يعقوب قال حدثني هشيم قال أخبرنا بعض أصحابنا عن عياش العامر أنه شهد شريحا قال" ضمان العبد باطل إلا أن يكون أذن له مولاه فيه.
وهذا الذي قلنا في ذلك هو قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور.
فإن أذن له مولاه في الكفالة بمال فكفل به فإن الواجب على قياس قول مالك أن يلزمه ما كفل به من ذلك ويؤخذ به إن كان له مال وكان المكفول عنه معدما لا سبيل له إلى القضاء فإن كان المكفول عنه مليا لم يكن للمكفول له سبيل على العبد المتكفل بذلك لأن ذلك قوله في الحر تكفل لرجل على غريم له بمال له عليه وحكم العبد إذا أذن له سيده في الكفالة على مذهبه حكم الحر الجائز الأمر تكفل بمال لرجل على آخر.
وأما على قياس قول الأوزاعي والثوري فإن الواجب إذا أخذ الطالب العبد بالكفالة أن يباع في دينه الذي على غريمه الذي كفل به إن لم يخلصه سيده مما أذن له بالدخول فيه من الكفالة.