وقد بينا أن معنى الكفيل في الصلح عما كفل وإن كانت كفالته في سلم غير معنى الصلح الذي عليه السلم عما عليه من ذلك.
ولو أن رجلا كان له على رجل كر حنطة من سلم قد كفل له به كفيل فاتبع المكفول له بذلك الكفيل وأداه إليه وكانت كفالته له به بأمر الذي عليه الطعام فإنه يرجع بذلك على المكفول عنه في قول الجميع.
فإن صالح الكفيل المكفول عنه على دراهم مثل رأس المال أو أكثر فهو جائز في قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وفي قول أبي حنيفة وأصحابه.
وكذلك لو صالحه من ذلك على عروض أو ثياب أو حيوان أو غير ذلك وذلك ان الكفيل لما أدى إلى المكفول له ما كفل له من ذلك كان له ال١رجوع على المكفول عنه له وصار ذلك له عليه دينا من غير وجه السلم فكان بمنزلة دين وجب له من قرض فله أن يأخذ له منه بما له عليه من الدين على غير وجه السلم ما بدا له مما يجوز شرؤاه وبيعه بين المسلمين.
وقال أبو حنيفة وأصحابه إن صالح الكفيل المكفول عنه على عروض أو حيوان يدا بيد أو على شيء مما يوزن سمن أو زيت أو على شيء مما يكال شعير أو سمسم أكثر من كر أو أقل أو على طعام أقل من كر فإن ذلك كله جائز مستقيم إذا كان يدا بيد ما خلا الطعام فإنه يجوز إذا كان يدا بيد أو نسيئة وذلك أن الطعام للكفيل على المكفول عنه بمنزلة القرض وليس بمنزلة السلم.
قالوا ولو صالحه على شيء مما ذكرنا قبل أن يؤدي عنه شيئا كان جائزا فإن أدى الطعام الذي عليه الأصل إلى الطالب فإنه يرجع على الكفيل بطعام