للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على القدرتين كما يقول أهل التعطيل والتأويل١، بل نؤمن


١ ذهب المبتدعة من معتزلة وأشاعرة وغيرهم إلى تأويل اليد الواردة في النصوص مضافة إلى الله تعالى على قولين، فمنهم من أولها بمعنى النعمة، وآخرون أولوها بمعنى القدرة.
انظر أصول الدين للبغدادي ص١١١، وأساس التقديس للرازي ص١٢٥.
وهذا التأويل واضح التهافت والبطلان لأن النصوص الواردة بإثبات هذه الصفة في غاية الصراحة والبيان، ولا يمكن أن يستقيم لمبتدع تأويلها لأمور كثيرة ـ منها:
أـ أن تأويل اليد بالقدرة فيه إبطال لما اختص الله تبارك وتعالى به بعض مخلوقاته تفضيلاً لهم على غيرهم، كما خص آدم بأن خلقه بيده، والقول بأن المقصود باليد القدرة فيه مساواة بين آدم عليه السلام وإبليس لعنه الله، في هذا الأمر، لأن الله تعالى خلق إبليس أيضاً بقدرته، فلا معنى حينئذ لتخصيص آدم بأنه كان بيد الله، لأن إبليس ـ لعنه الله ـ يعلم هذه الخصيصة لآدم، وإلا لاحتج على الله تعالى حين قال له: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، بأنه خلقه أيضاً بيديه كما خلق آدم، إذا كان معنى بيدي: بقدرتي، إلا أن إبليس ـ لعنه الله ـ كان أكثر إدراكاً لهذه الحقيقة من المعطلة.
ب ـ أن القول بتأويل اليدين بالقدرتين أو النعمتين غير جائز، لأن التثنية في {بِيَدَيّ} يبطل القول بالتأويل أيضاً، لأن التشديد تحقيق في التثنية، وتخصيص التثنية في نعم الله وقدرته ليس له معنى يصح، لأن قدرة الله واحدة لا حدود لها، ونعمه كثيرة لا تحصى، فلا يصح تأويل {بِيَدَيّ} بقدرتي أو بنعمتي، لعدم جواز انحصار قدرة الله ونعمه في عدد.
وقد فصل الإمام عثمان بن سعيد الدارمي الرد على هذا التأويل الباطل في رده على بشر المريسي ص٢٨-٤١، وانظر الاعتقاد للبيهقي ص ٢٩-٣٠.

<<  <   >  >>